تكثف بروكسل جهودها لتأمين اتفاق دعم اقتصادي واسع النطاق مع مصر، مع تزايد قلق الاتحاد الأوروبي من أن الحرب بين إسرائيل وحماس يمكن أن تتصاعد إلى صراع إقليمي واندلاع أزمة لاجئين جديدة.
وقد أثار الوضع سلسلة من المناقشات حول مسودة اتفاق بين الاتحاد الأوروبي ومصر، حسبما صرح مسؤولون لصحيفة “فايننشال تايمز”، بما في ذلك مناقشات في نهاية هذا الأسبوع في القاهرة مع كبار ممثلي المفوضية الأوروبية.
وتعد مصر ركيزة إقليمية وتعمل بالفعل بشكل وثيق مع بروكسل في إدارة الهجرة. لكنها مثقلة بالديون وتعاني من أزمة حادة في العملة الأجنبية حتى قبل اندلاع الحرب على حدودها الشرقية، مما أثار مخاوف بشأن استقرارها على المدى المتوسط وقدرتها على إدارة احتياجات سكانها البالغ عددهم 100 مليون نسمة.
وقد حظي عمل اللجنة بشأن الاتفاقية بموافقة غير رسمية من ممثلي الدول الأعضاء، وفقاً للصحيفة. وقال أشخاص شاركوا في المناقشات إن الاتفاقية لن تربط على وجه التحديد أموال الاتحاد الأوروبي بالتزام مصر بمنع المزيد من الهجرة إلى أوروبا أو التدفق المحتمل للفلسطينيين.
وتصر السلطات المصرية على عدم فتح حدودها أمام الفلسطينيين الفارين من غزة، ورفض الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا فكرة أن إسرائيل تحاول نقل سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى شبه جزيرة سيناء. كما أدان السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بشدة يوم السبت القصف الإسرائيلي على غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 5087 شخص، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية، وسط مخاوف متزايدة من أن الحرب بين إسرائيل وحماس ستؤدي إلى صراع إقليمي أوسع. تجنب الهجرة
وقالت المصادر إنه بدلا من التركيز فقط على الهجرة، فإن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي ومصر سيسعى إلى توفير الدعم المالي للمشروعات التي تهدف إلى خلق فرص العمل والمساهمة في تحول الطاقة في البلاد، من أجل المساعدة في دعم اقتصادها وبشكل غير مباشر لتجنب الهجرة الجماعية إلى أوروبا.
ولم يتم الإعلان عن معلومات مفصلة حول الصفقة، بما في ذلك التكلفة الإجمالية وكيفية تمويلها. وقال أحد الحاضرين: “المشكلة هنا هي تحقيق الاستقرار في الدولة”. “مصر قامت بعمل جيد فيما يتعلق بالهجرة، ولكنها تواجه تحديات اقتصادية متعارضة. يتعلق الأمر بالدعم”.
وردا على سؤال حول الاتفاق، أشار متحدث باسم المفوضية إلى تعليق نائب الرئيس مارجريتيس شيناس، الذي قال للصحفيين الأسبوع الماضي: “نحن بحاجة إلى العمل بنشاط مع مصر لضمان حصول مصر على كل الدعم الذي تستحقه لدورها المهم للغاية في المنطقة كدولة عبور”.
وأفادت الصحيفة، أن التطورات الأخيرة، جاءت بعدما اجتمع زعماء ومسؤولون كبار من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا مطلع هذا الأسبوع في القاهرة لمناقشة الصراع بين إسرائيل وحماس والوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة. وقال مصدر مطلع على الأمر إن “شيناس” مثل المفوضية، وتمت مناقشة الاتفاق بين مصر والاتحاد الأوروبي على الهامش. تجارب سابقة
وقالت الصحيفة، إن المفاوضات مع مصر مستمرة منذ أشهر، لكن الوضع في غزة أضاف إلحاحاً جديداً إلى هذه المسألة.
ويخشى الاتحاد الأوروبي، الذي يواجه بالفعل أعلى مستوى من الوافدين منذ عام 2015، من أن أي قفزة في الهجرة من الشرق الأوسط وأفريقيا يمكن أن تزيد من إثارة مشاعر اليمين المتطرف في دول مثل إيطاليا وألمانيا.
وتشعر إيطاليا بالإحباط بشكل خاص إزاء العدد الكبير من الأشخاص الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط من تونس، على الرغم من الاتفاق الأخير الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي بشأن وقف المهاجرين المتجهين إلى أوروبا مقابل الدعم الاقتصادي، والذي تم نسفه بسبب إحجام تونس عن قبول الأموال.
ومع ذلك، قال المسؤولون إن الاتفاقية مع تونس يمكن استخدامها كنموذج للتعامل مع القاهرة، لأنها لا تشمل فقط تمويل مراقبة الحدود، ولكن أيضاً الدعم الاقتصادي، على عكس اتفاق الاتحاد الأوروبي لعام 2016 مع تركيا والذي ركز فقط على الهجرة. هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في ذروة الأزمة التي جلبت أكثر من مليون شخص معظمهم من سوريا التي مزقتها الحرب إلى أوروبا عبر تركيا، حصل على إجمالي 6 مليارات يورو لأنقرة مقابل تضييق الخناق على الهجرة المتجهة إلى أوروبا.