في ٢٤ أبريل ٢٠١٧ أي منذ ٧ سنوات تقريبا ، أدلي أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية بحوار كاشف مع صوت الأمة ، وقد عرضا للإحتكارات في مصر . وظل متمسكا بمواقفة الكاشفة عن سر الأزمات الإقتصادية والمالية . حتي أصدر أحمد الوكيل رئيس إتحاد الغرف التجارية قرارا بإقالته .
نعيد نشر حوار أحمد شيحة مع صوت الأمة
أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين لـ«صوت الأمة»: 150 عائلة تتوارث التحكم فى اقتصاد مصر.. وأتوقع زيادة كيلو الدواجن إلى 100 جنيه فى رمضان!
ماجدة خضر – تصوير صلاح الرشيدى
رجل أعمال يستورد «التوك توك» بـ700 دولار ويبيعه بـ32 ألف جنيه
أربعة رجال أعمال يتحكمون فى سوق الدواجن..وخمسة فى الأرز ومثلهم فى السكر
الصعود الجنونى فى أسعار السلع أصبح الهاجس الأكبر الذى يؤرق المصريين، خاصة مع زيادة معدل التضخم فى شهر مارس إلى ٢٣٫٥٪، حيث سجلت أسعار المواد الغذائية وحدها زيادة بنسبة ٤٣٪، أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرف التجارية، وصف قرارات المسئولين فى الحكومة بالتضارب،
مؤكدًا فى حواره لـ «صوت الأمة» أن الاقتصاد يدار بنظام الفهلوة، وكشف شيحة عن أسماء رجال أعمال كبار يحتكرون السلع الأساسية فى غالبية القطاعات، ويختلقون أزمات فى الأسواق بنقص المعروض لرفع الأسعار وإلى نص الحوار:
* الاستيراد كان أحد العوامل التى ضغطت على الدولار.. فهل قلل قرار وقف استيراد بعض السلع من أثر هذا الضغط؟
– القرار ٤٣ الخاص بحظر استيراد ٢٦ سلعة لم يخفف الضغط على الدولار، لكنه جعل المستوردين يلجأون إلى السوق غير الرسمية لسعر الصرف وتحول بعضهم إلى مهربين، وأصبحت غالبية البضائع تأتى عن طريق التهريبو وهو ما أدى الى إهدار مليارات الدولارات على الجمارك والدولة.
* هل ترى أن الحكومة كانت على صواب عندما أعلنت أن هدفها من قرار حظر الاستيراد هو حماية الصناعة الوطنية، بجانب توفير الدولار؟
– غالبية القرارات التى تصدر عن المسئولين، تتسم بالتضارب وتعكس حالة من التخبط، بدءًا من وضع حدود على السحب والإيداع من البنوك، مرورا بالتعويم، ثم الحصول على قرض صندوق النقد، وكل هذه القرارات أربكت الأسواق وأدت إلى ارتفاعات كبيرة فى الأسعار
* بصفتك مستوردًا.. هل لمست توافر الدولار بعد قرار التعويم؟
– بالعكس.. الدولار اختفى ولو كان متاحا لم يكن له أن يصل إلى ١٨ جنيها، وللأسف البنوك تحولت إلى شركات صرافة تتاجر فى السوق السوداء، وحتى الآن نشهد مضاربات فى السعر إلى جانب تعطيش السوق للعملة الأجنبية.
* كيف ترى أثر تعظيم الاستيراد على قدرة الصناعة الوطنية واستمرار عمل المصانع؟
– عن أى صناعة تتحدثين؟! نحن ليست لدينا صناعة بالمعنى الحقيقى ولكن جميعها صناعات تجميعية، فصناعة الحديد كمثال تعتمد على استيراد البليت من الخارج ومصر تستورد ٧٠٪ من احتياجها من البليت من البرازيل والبقية من دول العالمن والإنتاج المحلى لا يمثل سوى ١٠٪ من المطلوب، ونستورد أيضا الغاز الذى يشغل هذه المصانع أى أن مكونين رئيسيين فى صناعة الحديد يتم استيرادهما فى الوقت الذى يزيد سعر الطن المحلى عن المستورد .
* من وجهة نظرك كمستورد هل لابد أن تكون ضد الصناعة المحلية التى تؤثر بالسلب على نشاطك وحجم تعاملاتك؟
– أنا لست ضد الصناعة الجادة، ولكنى ضد استحواذ الشركات الأجنبية على السوق المصرى، فلو نظرنا إلى «التوك توك» نجد أن سعر استيراده فى شكل أجزاء يتراوح ما بين ٦٥٠و٧٠٠ دولار ،ويتم تجميعه فى أحد المصانع لتبيعه شركة «باجاج الهندية» عن طريق وكيلها فى مصر «ر. غ» ب٣٢ ألف جنيه، رغم قرار وقف استيراده الذى أصدره وزير التجارة والصناعة الأسبق منير فخرى، والذى صدر لصالح رجل الأعمال، وأنا لست ضد استخدام التوك توك ولكن مع تقنين أوضاعه فلو الحكومة فرضت ضريبة ١٠٠٠جنيه فقط لحصلت الدولة على ٢مليار جنيه سنويا.
* صناعة السيارات فى مصر وأسعارها وصلت إلى مستويات قياسية لم نشهدها من قبل.. ما تفسيرك لذلك؟
– سأعود الى الاحتكارات، خاصة من الوكلاء الذين يحتكرون استيراد السيارات ويقفون أمام حرية المنافسة بعد أن منعوا التجار من الاستيراد، وأستطيع القول أن المسمار الذى يوضع بالسيارة يتم استيراده من الخارج، فهى بالنهاية صناعة وهمية، والشركات الكبرى تهيمن على القرارات الحكومية، وهو ما أدى الى زيادة الأسعار بالشكل الذى نراه، وسأشير الى مثال آخر، وهو الاحتكار فى مجال أدوات التجميل من قبل شركة «بروكتل آند جامبل» فهى تصنع الشامبو محليا وتقوم بتعبئته فى عبوات مستوردة وتبيع العبوة ب٧٠ جنيها، بينما لو تم استيراده لن يزيد سعره عن ١٥ جنيها.
* هل هناك نقص فى المعروض من الدواجن بالأسواق أدى الى رفع الأسعار بهذا الشكل الجنونى؟ أم أن الاحتكارات وصلت أيضاً لهذا القطاع؟
– لا يوجد نقص فى المعروض، ولكن هناك ٤ محتكرين لإنتاج الدواجن فى مصر وثلاث شركات خليجية إلى جانب «ن. ج»، وهؤلاء يستحوذون على ٧٠٪ من حجم السوق بل يستحوذون أيضا على استيراد مكونات الصناعة من أدوية وأعلاف وسماد وذرة صفراء..
فهل يعقل أن يصل سعر الكيلو المجمد من دواجن كوكى إلى٦٢ جنيها بينما سعر كيلو الدواجن المستوردة لا يزيد عن ٣٥ جنيها، وأيضا الدجاجة فى مطاعم كنتاكى تقسم الى ١٢ جزءًا تباع ب٢٠٠ جنيه بينما يشترونها ب٢٥ جنيهًا، وهذه المطاعم تحقق مكاسب فلكية على حساب المستهلكين، لذلك بدون الاستيراد سوف تتسع الفجوة بين الإستهلاك والإنتاج، فنحن نستهلك مليون و٢٠٠ ألف طن سنويا والإنتاج المحلى لا يزيد عن ٦٠٠ ألف طن ونستورد نحو ١٢٠ ألف طن، بما يعنى وجود فجوة تصل إلى ٤٠٠ ألف طن والنتيجة أن «المصريين بطلوا ياكلوا فراخ» ومع استمرار هذا الوضع أتوقع أن يصل سعر كيلو الدواجن خلال شهر رمضان إلى ١٠٠ جنيه.
* هل هناك سلع أخرى تشهد نوعا من الاحتكار والسيطرة من قبل رجال أعمال آخرين؟
– بالفعل.. كل سلعة يسيطر عدد من المحتكرين على إنتاجها أو استيرادها، ومنذ السبعينات هناك ١٥٠ عائلة تسيطر على الاقتصاد ويتوارث الأبناء أنشطتها، فالقمح وفول الصويا والذرة الصفراء يسيطر عليها ١٠ أشخاص، وهناك ٥ شركات تتحكم فى سوق السكر وجميعها تستورده من شركة كارجل الأمريكية أكبر منتج فى العالم للسكر والتى تحدد بورصة أسعاره عالميا .
كذلك سوق الأرز يسيطر عليها ٥ أشخاص من بينهم «أ. و» رئيس اتحاد الغرف التجارية،
وسوق الدواجن كما ذكرت يتحكم فيه ١٠ أشخاص ما بين منتجين ومستوردين، وأهم المستوردين «خ. أ»، «دواجن ساديا» و«س. ش»، و«م. ر» صاحب محلات أولاد رجب و«أ. ص» وأعتقد ان المستوردين هم الذين يعملون على توازن السوق.
* ما تفسيرك لارتفاع سعر الطماطم إلى ١٣ جنيها للكيلو؟
– بسبب نقص المعروض، ومن المفترض ألا نصدر سلعة إلا اذا كانت تمثل فائضا عن حاجة السوق المحلية، وهذه السياسة لا تطبق فى مصر وللأسف هناك شركات تستغل الوضع مثل شركة هاينز التى تقوم بتصدير «الكاتشب» وحققت أرباحا قدرت ب١٤ مليار جنيه نتيجة أنها تشترى أجود أنواع الطماطم ب٥٠ قرشا للكيلو من المزرعة وهذا الكيلو يتحول إلى ثلاث عبوات من الكاتشب تكلفتها ٤ جنيهات فقط بينما تباع فى السوق المحلى بـ٢١ جنيها وللأسف هذه الأرباح تحولها الشركة للخارج وعندما ثبتت على الشركة مخالفات فى التصنيع قامت الدنيا وتمت تسوية القضية.
* أين دور الأجهزة الرقابية ومباحث التموين وحماية المستهلك فى السيطرة على الأسعار وملاحقة المفسدين؟
– جهاز الرقابة الإدارية يقوم بدور هام لكنه يضبط قضية من بين عشرة قضايا وجهاز حماية المستهلك بموظفيه الذين لا تزيد أعدادهم عن ال٤٠ شخصا يحتاج لمن يحميه.
* تهريب السلع أصبح ظاهرة تهدد المنتج المحلى ويشكو منها اتحاد الصناعات.. ما حجم هذه الظاهرة فى مصر؟
– حجم التهريب غير معلوم لكنه يمثل ٥٠٪ من حجم الاقتصاد الرسمى، فنجد التهريب واضحًا فى قطاعات الملابس والأقمشة والأحذية والسجاد، وللأسف المصنعون وعلى رأسهم أعضاء اتحاد الصناعات، هم من يقومون بالتهريب تجنبًا لسداد الجمارك، وعن طريق المناطق الاقتصادية الخاصة وظاهرة الجشع واضحة فى استيراد بعض السلع مثل الأجهزة المعمرة، وعلى سبيل المثال الشاشة ٣٧ بوصة تستورد مفككة ب١١٥ دولارًا، وبعد تجهيزها وتقفيلها يصل سعرها إلى ٢٤٤٨جنيها بربح ٥٠٪ وهو ربح كبير المفترض أن تباع ب٣٧٥٠ جنيها لكنها تباع فى السوق بـ٧ آلاف حنيه
* دائماً ما تهاجم وزير التجارة والصناعة وتتهمه بأن قراراته خاطئة ما السبب؟.. ألا تخشى أن يتسبب ذلك فى عرقلة مصالحك؟
– أنا لا أهاجم أشخاصًا ولكنى أنتقد سياسات وقرارات أراها فى غير محلها والاقتصاد فى مصر يدار بمنطق الفهلوة، فالصادرات تراجعت وقرار منع الاستيراد يتم التحايل عليه بالتهريب، حتى شهادات التسجيل للشركات تمنح لبعض المستوردين يجلبون بها حاويات لأشخاص غير مسجلين مقابل مبالغ تصل إلى ١٠ آلاف دولار على الحاوية الواحدة، وأيضا خصصت الوزارة ٢٣٦مجمعا صناعيا للمشروعات الصغيرة فى مدينة السادات، ولكن من حصل عليها هم تجار الأراضى والسماسر، صحيح مصالحى تعطلت، ولكن ذلك لن يثنينى عن انتقاد أوضاع أراها خاطئة.
* شهر رمضان على الأبواب.. هل استعد المستوردون لتلبية حاجة السوق من السلع؟ وهل تتوقع انخفاضا فى الاستهلاك بسبب الأسعار؟
– وصلت مصر شحنات تحمل سلعا رمضانية مثل الياميش والسكر ولحوم وأسماك ودواجن ولكن مع مراعاة تقليل كميات الياميش إلى نصف ما كان يتم استيراده بالسابق، وذلك بسبب فارق سعر الدولار، ولضعف القوى الشرائية المتوقع، وقد ظهر ذلك واضحا فى تخفيض الطلب على شنط رمضان فمن كان يطلب ٢٠٠٠ شنطة خفضها إلى ٥٠٠ فقط كما تم تخفيض الأصناف التى تحتويها الشنطة إلى النصف.
* لا يوجد سعر ثابت للدولار الجمركى.. ما تأثير ذلك فى رأيك؟
– الدولار الجمركى المتداول بالأسواق لا بد من ثباته لأن عدم استقراره يؤثر فى حساب تكلفة المنتج وفى إتمام التعاقدات خاصة وأن دورة الاستيراد تستغرق ثلاثة أشهر والدولار الجمركى سعره يتغير كل شهر.