حمدي رزق
لغز الأضاحى الإفريقية!!
شاعت بين الناس بعض الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعى تحث المسلمين على تنفيذ شعيرة الأُضحية خلال عيد الأضحى المقبل من خلال التبرع لـ«جمعيات خيرية» تقوم بالذبح بوكالة عن المضحى داخل بعض الدول الإفريقية التى تنخفض فيها أسعار اللحوم بصورة كبيرة.
الإعلانات (الموجهة) لسلب أموال المصريين وأضاحيهم مصنوعة باحترافية، ما يسيل معها اللعاب، سيما وأن أسعار الأضاحى فى مصر يعجز عنها كثير من الطيبين.
وراء الأكمة ما وراءها، ووراء الجمعيات مصدرة الإعلانات ما وراءها، مجهولة المصدر، أخشى لهم فيها مآرب أخرى، وبالسوابق يُعرفون.
ورغم ذلك، الإعلانات المجهولة خلقت حالة من البلبلة بين المصريين، سيما وأن شراء خروف كبير الحجم بمبلغ لا يزيد على الألفى جنيه (حوالى 40 دولارًا)، بينما يبلغ سعره فى مصر حاليًا عشرة آلاف جنيه وأكثر (حوالى 200 دولار).
فى لقاء أخير مع الدكتور «شوقى علام» مفتى الجمهورية، بدا فضيلته منزعجًا من هذه الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعى..
يقول فضيلته: لا أجد لهذا مبررًا عقليًا، وأزعجنى كثيرًا، إذا كانت العلة ارتفاع الأسعار، فالأضحية سُنَّة مؤكَّدة على المُفتَى به فى دار الإفتاء المصرية.. وشرطها الاستطاعة.
وفى فتوى رسمية حديثة (24 مايو 2024) على صفحة دار الإفتاء (اسألوا أهل الذكر) ما نصه: «الأضحية سُنة مؤكدة، والاستطاعة والقدرة شرط فى التكليف على العموم، وشرط فى الأضحية خصوصًا، بحيث إنه لا يُطلب من المكلف تحصيلها
هذا من زاوية الاستطاعة (داخل مصر)، ليس عليك من حرج إذا لم تستطع، وباب الخيرات واسع، ولكن من زاوية أخرى، وجه المفتى علام نصيحته للمصريين العاملين بالخارج قائلًا: «إذا أنت تريد شراء صك أضحية، فأولى أن تشتريه داخل بلدك.. والأقربون أولى بالمعروف».
ليست صدفة، إعلانات سلب زكوات وأضاحى وصدقات وهبات وتبرعات المصريين باتت عرضًا مستمرًا طوال العام، سيما فى المناسبات الدينية التى يكون فيها المصريون، على سُنة نبيهم الكريم (صلى الله عليه وسلم)، أجود من الريح المرسلة.
تذكرنى هذه الإعلانات بإعلانات شبيهة قبل شهور ولاتزال تسعى بين المصريين، ما يسمى «توكيل عمرة البدل»، وهو عبارة عن «تطبيق إلكترونى» يتم من خلاله عملية توكيل أشخاص مجهولين للقيام بـ«عمرة البدل» بهدف مستتر، بحجة التيسير على غير القادرين على أداء المناسك من المرضى وكبار السن.
وتصدت دار الإفتاء باكرًا لهؤلاء «السماسرة» فى فتوى منشورة، خلاصتها: «ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب فى العمرة وبين من سيؤديها عنه».
من الأمور اللازمة فى الإنابة أن يختار الشخصَ الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعلَ عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل يتم عبر تطبيقات أو وسطاء، كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق بشعائر الدين، وهو مُستنكَر وخارج عن المألوف.