المفكر العربى علي محمد الشرفاء يكتب.. الأخسرون أعمالا
لماذا يتغافل المسلمون عن حكم الله الذي صدر استباقيا لا رجعة فيه باعتباره حكماً نهائيا منذ أكثر من خمسة عشر قرناً في حياة الرسول عليه السلام بأن جميع الأحاديث المؤلفة من البشر باطلة ومنهي عن إعتبارها مرجعية لرسالة الإسلام، حينما خاطب الله رسوله بصيغة إستنكارية في قوله سبحانه ونطق به الرسول عن ربه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية (٦) .
فبهذه الآية إرتبط الإيمان بالله وتوحيده إلهاً واحداً، وطاعة الإخلاص والتفاني لله ولآياته بإتباع شرعته ومنهاجه، وإعتبار كل ما ورد من أقوال البشر منسوبة زوراً للرسول وكأنها لم تكن، وأن كل من يعتقد بصحة تلك الأحاديث فقد أشرك بآيات الله واستبدلها بالروايات المفتراة على الله ورسوله.
وتطبيقا لحكم الله في بطلان جميع الأحاديث المختلقة والمزورة على الرسول مما يجعل المسلم في حالة الإتهام بالكفر بكتاب الله والإستهانة بحكم الله في بطلان الأحاديث، وأن ترديدها من المسلم وكأنه يتحدى آيات الله لصالح الروايات البشرية التي قد تسبب خروجه من دين الإسلام كلياً ولن يجد له يوم الحساب نصيرا وسيكون من الخاسرين، لذا فإنني أدعو المسلمين خوفاً من أن يتم وضعهم ضمن المشركين الذين عصوا أمر الله في حكمه الذي صدر عنه ببطلان الحديث، وأن تكون الآيات القرآنية وحدها أساس المرجعية الوحيدة للإسلام، بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله.
ومن أجل أن يحصن الإنسان نفسه من الشرك بالله، عليه التمسك بالقرآن وبالأحكام الإلهية وتشريعاته في الآيات القرآنية، ليحيا حياة طيبة في حياته، وليجزيه الله جنات النعيم في الآخرة، لذلك فليستيقظ المسلم ويدرك ما يسعى اليه الشيطان وأتباعه من إستدراج المسلمين للشرك بالله وعصيانه دون وعي وتدبر في آيات الله التي تضيء للإنسان الطريق المستقيم وتحميه من طريق الضلال.
فالرسول عليه السلام بلغ الناس عن ربه ونطق بلسانه ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) وتلك الآيات وغيرها شهد بها رسول الله وآمن بها مصدقاً بكلمات الله وأحكامه، متمسكاً بشريعة الله وآيات قرآنه، فلنتبع الرسول ونلتزم بكل ما بلغه للناس من آيات في الذكر الحكيم إن كنا صادقين فيإيماننا، أوفياء لعهدنا مع الله،
مخلصين في طاعته، خاشعين لقدرته وعظمته، مستسلمين لقضائه وحكمه، راضين بقدره، مصدقين لآياته، ملتزمين في إتباع عظاته، نطلب عفوه ومغفرته، فهو الغفور الرحيم.
أليس من المستغرب أن تغيب أخطر آية في القرآن الكريم والمسلمين يقرؤنها
كل يوم، قول الله سبحانه وتعالى حينما يقف الإنسان في مشهد عظيم تخشع له الأبصار، امام حزنة النار كما نطق بها رسول الله بقوله، ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) الزمر (٧١).
فإذا كانت الروايات صادقة وأنها قيلت من رسول الله وتمت تسميتها أحاديث فلماذا خزنة جهنم لم يسألوا الإنسان (ألم تقرؤا أحاديث البخاري ). إن كان ما رواه أصحاب الروايات معترف بهم عند الله دون الرسول محمد عليه السلام، بل خزنة النار سألوا الإنسان عما بلغهم الانبياء من آيات الله سبحانه، فكيف فقد المسلمون إدراك وفهم تلك الحقيقة بأنه لا قيمة للروايات يوم الحساب على الإطلاق، إنما القاعدة الوحيدة التي سيحكم الله بها هى مدى إتباعهم لآياته في القرآن الكريم، فاعترفوا بذنبهم وقبلوا بحكم الله عليهم بالعذاب.
فلماذا لا يستعد المسلم ليواجه يوم الحساب بالتمسك بالكتاب المقدس القرآن الكريم ويحمي نفسه من عذاب الجحيم، كيف لم يستوعب المسلمين الفرق بين الخطابين الخطاب الالهي والخطاب الشيطاني، خطاب يدعوهم للرحمة والعدل والسلام والإحسان
والمخاطبة بين الناس بالحسنى، يدعوهم للتعاون بينهم على البر والتقوى والمصالح المشتركة لتحقيق الأمن الإجتماعي بين الناس ويحذرهم من التعاون على الإثم والعدوان، يأمرهم بحماية حقوق الإنسان في الحياة وحرية الاعتقاد والتعبير عن أفكاره بالحكمة والموعظة الحسنة، ومساعدة الضعفاء والفقراء والمحتاجين في كل مجتمع،
والوقوف مع المظلومين والتسليم بحق المساكين ومن في حكمهم حقهم في أموال الاغنياء ليتحقق السلام الإجتماعي في المجتمعات الإنسانية لبناء الأمن والطمأنينة للجميع،ترفرف عليهم بركات الله ينعمون بالسعادة والرضا والسلام.
فيا أيها الناس إتبعوا ما بلغكم به رسول الله وتدبروا آياته لتحميكم في حياتكم من المعاصي والذنوب وما تخبئه لكم الأقدار، وقد حصنته الآيات والتشريع الإلهي والمنهاج الأخلاقي في الذكر الحكيم، ويتحقق له وعد الله إذا التزم باتباع كتابه، جنات النعيم يوم الحساب.
الخلاصة ؛
فقد حكم الله سبحانه على كل الأحاديث التي تم تأليفها كذباً ونُسبت إلى الرسول محمد إفتراءا وباطلا كما بلغ الرسول قول الله سبحانه للناس مخاطباً رسوله بقوله سبحانه : (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية (٦)، ذلك القول الفصل فمن شاء إتبع كتاب الله وقرآنه، ومن شاء إتبع روايات الزور طريق الشيطان وأعوانه، ويوم الحساب فمن الناسكان سعيدا بجزاء الله وإحسانه، ومن الناس يحيطه الحزن والندم نتيجة لخسرانه، بالرغم من وصية الله لجميع خلقه استباقياً قبل يوم الحساب في قوله لهم الذي بلغهم به رسول الله
( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) طه .