مأمون الشناوى ·
* ومازلتُ مُندهشاً من هذه الندالة !! *
*******************************
قضية خطيرة ومُحيّرة حقاً !!.
لا أنت أبوك باشا ، ولا تنتسب إلى عائلات الاتربى أو لملوم أو طوسون أوسراج الدين أو الفقى أو المفتى أو نور أوأباظة ، ولا أنت جدك من الخواجات الذين طُردوا من مصر عقب ثورة يوليو ، واستعادت الثورة ما سطوا عليه بالبلطجة والإجرام من أرض ، وأجبروا الفلاحين على العمل فيها كعبيد ، وساقوهم بالكرباج وألهبوا ظهورهم بالسياط ، واستباحوا أعراضهم وشرفهم !! .
إذن ماذا بك ،
مَالَك !! .
هل أصابك الخَبل والخَلل والهَبل والهَطل ، والمُجون والجُحود والنُكران والعقوق !! .
مَالَك ،
وأنت واحدٌ من أبناء الفلاحين المساكين ، الذين منحهم عبد الناصر أرضاً تملّكوها ، وتعلمت مجاناً فى مدارسه ، وصرت بألف لسانٍ لتشتم وليّ نعمتك ، وتبوأت أرفع المناصب !! .
مَالَك !! .
هل نسيت نفسك !! .
أنا من قرية كان « كُل » رجالها يعملون فى أرض برهام باشا نور ، و « كُل » نسائها خادمات فى السراية ، والمحظوظ مَن كان يشتغل وظيفة خولى أو كاتب أو ناظر زراعة أو غفير ، أوحتي بلطجى يقتل مَن يعادى الباشا ، أو مُضحك له ، أو طباخ أو سفرجى أو شماشرجى أو قوّاد ، أو مُقرئ على موتاهم !! .
أعرف رجالاً الآن يُشار إليهم بالبنان كان جدهم يجرى وراء « البغلة » التى يمتطيها « محمد أفندي حكم » مسؤول الدايرة ، ويمسك الشمسية له عند نزوله وعند ركوبه ، ولولا الحَرج لذكرت لكم اسمه ، ولدىّ الشجاعة لذلك لو احتكم الأمر !! .
مَالَك !! .
رأيت الفلاحين يركعون فى مجرى مائى لتعبر على ظهورهم « كارتة » ( البدراوى عاشور ) فى قرية درين مركز طلخا دقهلية !! .
مَالَك !! .
رأيت مقتل ( صلاح حسين ) زوج ( شاهندة مقلد ) ودفنه فى كمشيش على يد عائلة الفقى !! .
مَالَك !! .
رأيت أخى الأكبر المهندس الزراعى – يرحمه الله – أرسلته الثورة إلى قرية ( سيدى غازى ) بكفر الشيخ ، ليستولى على أرض الخواجات اليونانيين ، ثم قام بتوزيعها على الفلاحين ، كما توزع الأفران الخبز ، وبنى نادياً رياضياً ، ومدرسة ابتدائية ذومسجداً كبيراً ، ولكل فلاح بيّت يسكنه بعدما كان هائماً كالجرزان !!.
وكان من بيّن هؤلاء البسطاء الذين نالهم قسط من الخير ، فلاح خرج من صُلبه شاب تخرج فى الكلية الحربية ، ثم ترقى حتى صار قائداً للجيش الثاني الميداني ، ثم محافظاً لإحدى محافظات القناة ، وقبل أن تتهمني بالمُبالغة ، أخبرك – مُضطراً – بأنه زوّج أختي !!.
قد يكون ذلك الغِلّ الذي يفوح من كلماتك منطقياً ، لو صدر من واحد من أبناء طبقة البكوات والبشوات الذين أضيروا من الثورة ، أما منك أنت ، إبن الفلاحين والعمال والطبقة الوسطى التى رفعتها الثورة من العبودية إلى السيادة ، ومن المَهانة إلى الكرامة ، ومن الذل إلى الحرية !!.
أنت ،
سل أباك أو جدك لكىّ يحكى لك لعلك ترعوى وتضع فى عينيّك حصوّة ملح !!.
أنت ، لو بحثت لعرفت مَن أنت ، ومَن أبوك ومَن جدك ، وكيف كانوا وكيف أصبحوا بعد ثورة يوليو العظيمة وزعيمها الخالد !!.
اسمح لى ألا أندهش فقط ، ولكن أصرخ فى وجهك بأنك ندل وعويل ، مُنتهى الندالة وقلة الأصل والعقوق والجحود والنكران ، ولاتستحق ما أنت فيه ، أىّ والله !! .
* مأمون الشناوي *