حمدي رزق :
المناضل يحيى السنوار «مات شهيدًا ليس فطيسًا»
«أفضل أن أقتل شهيدا على أن أموت فطيسا»، تمناها السنوار (شهادة) فى فيديو منشور، طلبها ونالها..
واغتبط بمقتله من فى قلبه مرض، وظهر مستشار الأمن القومى الأمريكى، «جاك سوليفان» مغتبطًا فى حبور: «مقتل السنوار يمثل فرصة لتحقيق يوم أفضل لشعب غزة وشعب إسرائيل وشعوب المنطقة بأسرها.. كان عقبة هائلة أمام السلام»!!. السلام الذى يحلم به الصهاينة من حول العالم، ومجرمو الحرب فى «تل أبيب» لن يتحقق بمقتل السنوار، الغضب الساطع آتٍ، وكما تغنت فيروزة الشام: الغضب الساطع آتٍ.. وأنا كلى إيمان، الغضب الساطع آتٍ، سأمر على الأحزان، من كل طريق (آتٍ)، بجياد الرهبة (آتٍ)، وكوجه الله الغامر (آتٍ.. آتٍ.. آتٍ).
(من كلمات أغنية «زهرة المدائن»، ألفها ولحنها الأخوان رحبانى، عقب هزيمة ١٩٦٧)… لا تفرح يا سوليفان، ولا تغتبط يا نتنياهو، ولا تأو إلى مخبئك يا جالانت مطمئنا مسرورا، إذا كان السنوار صعد إلى السماء شهيدًا، على الأرض فى غزة والضفة مليون سنوار، الأرض الطيبة حبلى بالغاضبين، الأرض ولود، طائر الفينيق يجدد نفسه ذاتيًا، يولد من رماد احتراق جسده.. وسترون عجبًا.
بعدد الشهداء سينهض من تحت الرماد مقاومون أشداء، لن تهنأوا بنصر زائف، ولن تكلل أعناقكم بأكاليل الغار، وسيصمكم التاريخ بلعنة أبدية، ستدخلون التاريخ جماعة من الباب الذى دخله هتلر وعصبته النازية، وأمثالكم من السفاحين على مر التاريخ.. صفحات التاريخ تأوى السفاحين فى فصل الإبادة الجماعية، فصل مجرمو الحرب، أعداء الإنسانية.
أرواح أربعين ألفًا من ضحايا الإبادة الجماعية فى غزة ستلاحقكم فى مكمنكم مهما كان محصنًا، مكانكم تحت الأرض، أما السنوار ففى السماء، ينظر إليكم من بين الغمام مسرورًا، وأنتم تفرون مع دوى صافرات الإنذار إلى الملاجئ، لن تنجيكم من صواعق الغضب الساطع.
لقد أصابتكم لعنة، دم السنوار لعنة، ودم الخدج الرضع لعنات، ستطاردكم اللعنات كالحيات تسعى فى أثركم، كلما اغتلتم سنوار، خرج من الأنفاق ألف سنوار، ولن تفلتوا من عقاب السماء إن عجز عنكم عقاب الأرض، وعقاب الله شديد.
لو علم مجرمو الحرب حماقة فعلتهم الغادرة، وحصادهم المر، سيجنون خسارة مستقبلًا، وسيدفعون الثمن غاليًا، الشباب العربى على اختلاف مشاربهم عادوا سيرتهم الأولى اصطفافا حول شعب الصابرين.
القضية الفلسطينية تعطرت بدماء الشهداء، وتقوت بأرواحهم الطاهرة، استعادت موقعها فى الإعراب العربى، والحق الفلسطينى يتحلق حوله المليارات من القلوب المفطورة من هول ما ترى من إبادة جماعية على الهواء مباشرة.
صحيح الفضاء العربى تبدلت أوصافه من المحيط إلى الخليج، ولكن الشعوب العربية العظيمة لا تتغير مياهها، ولا تتبدل أولوياتها، وتظل القضية الفلسطينية رأس أولوياتها بحسب فقه الأولويات.
قد تنحرف بعض الأقلام، وتضل، وقد تشيه الصور وتغيم، وقد يختلط علينا الأمر فى ضبابية المشهد الكئيب، والثابت أن الحرب على غزة فطرت قلوب أجيال جديدة، فسكنتها القضية الفلسطينية، عادوا سريعا من التيه والشتات إلى موقعهم الطبيعى من القضية، باتت أولوية أولى، تلهج أفئدتهم باسم وطن عزيز سليب اسمه «فلسطين».
قد يكسب «نتنياهو» معركة مختلة موازين القوة، ولكنه سقط من حالق وشعبه فى بئر ماله قرار.. الغضب الساطع آتٍ.. وأنا كلى إيمان.