الدكتورة خديجة حمودة
الحياة بين توقعات النجوم من نوستراداموس إلى ليلى عبداللطيف
متى ستتوقف الحرب ونزيف الدم وهدم صور الحياة وأصوات الأنين والنداء وطلب النجدة والمساعدة والبحث عن مأوى أو غطاء يحمى من الأمطار والشمس وعن شربة ماء نظيفة وكسرة خبز وكوب من حليب؟
متى ستتوقف الرحلات المكوكية لمندوبى الأمم المتحدة للسلام فى بلادنا، جميعها دون استثناء، وبيانات الإدانة رقيقة الصياغة وألفاظها المتكررة بلا أى معنى، والدعوات التى تثير السخرية بضرورة وقف إطلاق النار والانسحاب إلى حدودنا قبل حرب 1967 وعودة اللاجئين؟
متى ستصدر جامعة الدول العربية قراراً واجب التطبيق وتشرف على ذلك بالفعل ويصبح لها صوت مسموع ويد تصل لجميع دول المنطقة، ويعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تشكيل جيش قوى يقف أمام تجاوزات إسرائيل؟
ومتى ستسقط حكومة نتنياهو ويختار الإسرائيليون حكومة تقبل بالسلام وتنسحب من الأراضى المحتلة بغير حق وتترك الحياة تعود من جديد لتلك الأرض؟ ومتى سيعود أطفال غزة إلى المدارس وتفتح أبواب المستشفيات وتضاء المنازل والشوارع وتقام حفلات الزفاف وجلسات الصباح النسائية، وتقاد أفران المخبوزات المنزلية لتتصاعد رائحة الخبز بالزعتر والآخر باللحم والقهوة العربية والشاى بالقرنفل والهيل وتتعالى ضحكات الأطفال وهم يتقاذفون برتقال يافا ويحصدون الزيتون ويجمعون الياسمين من حدائقهم؟
وهل نحتاج إلى دعوة أصحاب النبوءات لمؤتمر هزلى يتحدثون ويتشاركون ويدّعون معرفتهم بالمستقبل ويتبادلون الاتهامات بالجهل والادعاء ومحاولة الظهور فى وسائل الإعلام العالمية للشهرة وحصد الأموال فقط؟ يتساءل البعض إن كنا نستطيع أن نقرأ ما تقوله النجوم والأبراج ويستنكرون الدعوات بالانتظار حتى تتحقق كلمات المنجمة ليلى عبداللطيف.
ويبدو أننا نعيش فى منطقة ما بين أشهر متنبئ فى التاريخ (نوستراداموس) وليلى عبداللطيف، الأول هو إحدى الشخصيات المهمة فى تاريخ العالم فهو صاحب النبوءات الشهيرة التى أزعجت العالم فى القرن الـ16 الميلادى ثم عاد للأضواء من جديد بعد الحرب العالمية الثانية.
وكان «نوستراداموس» طبيباً مثقفاً وعرف عنه استخدامه وسائل علاجية طبية عربية مثل الحجامة وغيرها، وكثيراً ما قال بنفسه عن تنبؤاته إنها جاءت مفاجئة له، وكان يستخدم الماء فى قراءة المستقبل فينظر فى إناء مملوء بالماء الصافى ويتأمل ما سيحدث ليكتبه شعراً موزوناً فيما بعد، وقد انتشرت نبوءاته فى حياته.
وفى كتابه (القرون) قال إن قائداً عظيماً سيهزم فى واترلو فى الزمان المحدد فكانت هزيمة نابليون بونابرت الشهيرة التى تنبأ له «نوستراداموس» باحتراق أسطوله الفرنسى فى مياه الإسكندرية فى مصر، حيث قال «يغرق الأسطول بالقرب من البحر الأدرياتيكى وتهتز مصر كلها ويتصاعد الدخان ويحتشد المسلمون».
وعندما ظهر كتاب (القرون) أول مرة عام 1555 صنع له شهرته الواسعة فى العالم وتناقلته الأجيال ولا تزال تطبع نسخه على مدار العام بعدة لغات. ومن أشهر تنبوءاته أن تكون نهاية العالم عام 3797 م وقد اعتاد أن يكتب الأحداث على شكل رباعيات غير مفهومة، وتحقق الكثير منها، فقد تنبأ بوفاة الأميرة ديانا والأم تيريزا وكذلك حادثة 11 سبتمبر وحروب منطقة الخليج والعراق واغتيال چون كينيدى وصعود أدولف هتلر.
ويبدو أننا نعيش بين النجوم والمنجمين فمن بين توقعاته التى تتوالى حدوث كارثة مناخية وهو الأمر الذى واجهناه عام 2023 حيث تزداد أزمات المناخ بشكل ملحوظ، الأمر الذى يذكرنا بما توقعه من جفاف فى الأرض وفيضانات خطيرة ومجاعة بسبب موجة تلوث وهو ما يتوقعونه الآن من حدوث تسونامى سيضرب الزراعة مما يؤدى إلى مجاعة واسعة النطاق.
ومن «نوستراداموس» إلى العرافة البلغارية الكفيفة (فانغا) التى أطلقوا عليها اسم (نوستراداموس البلقان) التى توقعت أن يجلب عام 2024 مجموعة من الأحداث المظلمة، بما فى ذلك الهجمات الإرهابية فى أوروبا كما توقعت حدوث هجمات بيولوجية ووقوع الحرب العالمية الثالثة، وقد تحققت من قبل توقعاتها بأحداث سبتمبر وفيروس كورونا وكارثة تشيرنوبيل فى أوكرانيا.
ونصل مع النجوم إلى وقتنا الحالى وليلى عبداللطيف التى تعلن تنبؤات تزعج المشاهير والقراء والقادة والسياسيين دون أدنى شك، وتجعلهم ينتظرون ويترقبون رحيل الشخصيات المعروفة واندلاع الصراعات والفيضانات والكوارث الطبيعية والانتقال من بلد لآخر فى عمليات لجوء سياسى وإبعاد وهجرات، تكاد تشبه هجرة الطيور الجماعية من قارة لأخرى بحثاً عن الأمان والغذاء والدفء والمشاعر الطيبة التى أصبحت عملة نادرة فى هذه الأيام.