الاعلام والامن القومي
محددات جديدة .. ومهددات كثيرة
دراسة يكتبها:شارل فؤاد المصري
تعريف مبسط للامن القومي :
الامن القومي لم يعد قاصرا علي البعد “العسكري” التقليدي ولكنه اتسع ليشمل الاستخدام السيء لوسائل الاعلام وبخاصة “السوشيال ميديا” .واصبح من حق الدول ” اي دولة ” ان تدافع عن نفسها وتحمي شعبها من خطر سلاح تدفق المعلومات المغلوطة والاختراق الاعلامي والحرب السيبرانية .
ومن هذا المنطلق لا تستطيع الدول “المقصود هنا اي دولة ” سواء كان لها ثقل عسكري او سياسي او اقتصادي ان تغفل الدور المحوري للاعلام وما تلعبه وسائل الاتصال من توجيه الراي العام والتاثير عليه وعلي متخذ القرار.
ومن ثم يجب القول بأن مفهوم الأمن القومي لم يُعد مفهوماً جماعياً بمعني أن جميع جهات الدولة المعنية، يُحتَم عليها الحفاظ على الأمن القومي في ظل انفتاح الحدود والفضاءات وعدم سيطرة الدولة “اي دولة” على سلطة حركة الفكر والثقافة وابداء الرأي .
أبعاد الأمن القومي :
يوجد ابعاد متعددة للامن القومي نشرح عددا منها ونعتبرها الاهم من وجهة نظرنا .
البُعد الاجتماعي :
يعد البعد الاجتماعي للأمن القوميّ الإنسانُ فيه عاملاً مؤثِّراً إذ إنّه المسؤول عن تفعيل أمنه فرداً أو مجتمعاً، مما يلزمُ تهيئة المواطن وإعداده إعداداً سليماً في صحّته وأخلاقه وثقافاته وتراثه
ويسعى البُعد الاجتماعي للأمن القوميّ إلى توفير حالةٍ من الاستقرار للمجتمع مع خلقِ عوامل اتّزان بين العوامل الاجتماعية والسكّانية التي قد تكون مختلة في بعض المجتمعات والدول .
ثانيا :البُعد العسكريّ للأمن القوميّيُعدّ البُعد العسكريّ أهمّ أبعادِ الأمنِ القوميّ وأكثرها فاعليّةً، ولا يُسمحُ باي شكل من الاشكال بالتّهاون في تحقيقه وإعداده لان التّهاون فيه يعني بالضّرورة
1 ازدياد التّهديدات والأخطار التي تواجه الدّولة، مما قد يقودُ لانهيارها وربّما إحتلالها من بلد اخرأو إلغاءِ وجودها بشكلٍ كاملٍ وضمّها لدولةٍ أخرى، أو تقسيمها واقتسامها مع الدّول الأخرى
2 يتشابكُ هذا البُعد مع بقيّة أبعاد الأمن القوميّ تشابكاً قويّاً حيثُ يؤدّي ضعف أيٍا من العناصر المكونة للبعدالثاني من هذه الأبعاد إلى إضعافِ البُعد العسكريّ وتفتيته .
3 البُعد الاقتصاديّ للأمن القوميّ
يُقصد به تحقيقُ مستوى الرّفاهية للشّعوب او علي الاقل توفير حياة لائقة ورفع مستويات التّنمية في
المجتمعات،
ويَعتبرُ البُعد الاقتصاديّ أنّ الأمن والتّنمية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وأنّ الدخل القومي بمصروفاته المصروفة لإرساء الأمن القوميّ ليستْ خسارةً أبداًلان العائد الذي يعود علي الدولة بسبب تحقيق أمنها القوميّ تُعدّ عوائد مُرضية وذات قيمة.مستويات الأمن القوميّ
للأمنِ القوميّ ثلاثةُ مستوياتٍ لا يتحقّق إلا باندماجها وتشاركها وتشابكها معا ، وهيَ :: 1 :المستوى الدّاخليّيتعلّق بحفظِ المجتمع وحمايته من أيّ اختراقٍ أو تهديد، وإقرار مفهوم الاستقرارعلي جميع المستويات و في كافّة المجالات.
2:المستوى الإقليميّ:يتعلّق بالعلاقات الإقليمية للدولة مع الدّول الأخرى
: المستوى الدوليّ:
3هو مستوىً أعلى مما سبقه؛ إذ يتعلّق بحِراك الدّولة وهي الوحدة الرئيسية التي تتفاعل علي الساحة الدولية ضمن المُحيط العالمي خاصة ان نطاق الأمن القوميّ اتّسع منذُ بداية تسعينيات القرن الماضي ليُغطّي العديد من الأنشطة الإنسانية الخاصّة بالدّولة “اي دولة” بالإضافة للجوانب العسكرية.
وفي هذا الصدد هناك مقولة مهمة للمفكّر الأمريكي “توماس برنت” تقول : “إذا أردت أن تعرفَ سماتَ الأمن القوميّ الجديد فلا تذهب لتتناقش مع كبار الجنرالات ولا مع أبرز خبراء الدّفاع ولكن اذهب للنقاش مع خبراء التّكنولوجيا والاتصالات ومنظمة التّجارة العالمية وأساتذة الاقتصاد.
الامن القومي ..محددات جديدة ومهددات كثيرةتوسيع نطاق الأمن القومي جاء بسبب ازدياد التهديدات التي تواجه الدّولة” اي دولة بشكل عام ” حيثُ لم يبقَ التّهديد العسكريّ الخارجيّ وان كان مهما ولكن ليس هو الوحيد الذي يُهدد أمن الدّولولكن ظهرت تهديدات جديدةرصدها خبراء الامن القومي مثل :
1 انتشار تجارة المخدّرات العابرة للحدود
2 الإرهاب الدّولي
3 التلوّث البيئي
4 الفقر
وفيروس كورونا H1N1 5 تفشّي الأوبئة كالإيدز وفيروس المتوطنة6ازدياد نسب الجريمة المنظّمة.
7 ازدياد الهجرة غير المشروعة مع انتشار الحروب في عدة بقع جغرافية .
شهد العالم في السنوات الاخير احداثا متسارعة وخاصة منطقتنا العربية سواء نشؤ حروب بالوكالة او حروب مباشرة او تهديد الامن الاقتصادي لدول عبر حصارها لتنفيذ اجندات غربيةهذه الاحداث ساهمت في ضرورة إعادة التفكير في مجالات الإعلام والاتصال وإعادة النظر في :
1مهامه2وظائفه التقليدية التي أُنشئ من أجلها
3في علاقته بالمجتمع الدولي ودوره الجديد على مستوى العلاقات الدولية علي مستوي الدول او المنظمات بعد أن تداخلت الامور وتشابكت بشكل معقد بعض الشيء، مع تطور التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصالات بصورة غير مسبوقة ويعب ملاحقتها خلال السنوات القليلة الماضية مما جعلت الشعوب غير المواكبة لهذه التطورات وغير المنفتحة على تعديل التشريعات، “وجبة” سهلة أمام ماكينات وتروس وسائل الإعلام الدولية التي تعمل بصورة ذكية وبإمكانيات ضخمة
بحيث يصعب على بعض الدول التفريق بسهولة بين الإعلام الموجه من جهة، وحق شعوبنا في الحصول على الأخبار والمعلومات وحق ممارسة حرية الرأي والتعبير” في حدود ما تقتضيه الحاجة”من جهة أخرى
تاثيرالاعلام
ادركت دول العالم الاول القوة الكامنة والمؤثرة في الإعلام الذي أصبح من أهم الوسائل التي ارتكزت عليها المخططات الاستراتيجية الأجنبية الدولية، لتبرير لظاهرة العولمة، أوتسويق النموذج الامريكي ” الامركة “، او فرض النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى مُحاولات نشر مفهوم “المُواطنة الإنسانية”، من خلال تلك الوسائل التي أثبتت قُدرتها على إذابة الحواجز بين الثقافات، والأديان، والحضارات.امثلة من الواقع القريب “العراق نموذجا “
تنفيذبعض المخططات رأينا انها وصلت في بعض الاحيان الي احتلال دولة ما، كانت قد استندت على قاعدة قوية من التأييد الدولي و” العراق نموذجا ” فقد تم تشكيل الرأي العام العالمي عبر الاستراتيجيات الإعلامية التي تمت صناعتها بدقة متناهية تجاه قضايا وأهداف محددة، لم يكن من الممكن تحقيقها دون ذلك التأييد الدولي وايضا مثلما حدث في ليبيا، وأفغانستان من قبلها، والمُحاولات المُستميتة حتى الان تجاه سوريا.مهددات الامن القومي
عندما نتحدث عن تهديد الأمن القومي بالطبع نتحدث عن ذلك سياسيا و اقتصاديا واجتماعيا ودائما يورد الباحثون العامل السياسي اولا وان كان من وجهة نظري ان العامل الاقتصادي هو الاهم لانه جزء لا يتجزأ من العامل السياسي يتفاعل معه وبه او علي الاقل هكذا يبدو لي
ولكن في الوطن العربي سيظل الجانب السياسي هو المتقدم علي العامل الاقتصادي بسبب التغيرات الحادثة علي المستوي الجغرافي ” الجيوسياسي ” و التقلبات السياسية وهو ” مهدد جديد ” شهدته المنطقة و ساهمت فيه شبكات التواصل الاجتماعي أو “الإعلام الجديد” الذي اصبح هذه المسمي قديما من وجهة نظري قياسا علي الاعلام التقليدي المثمثل في المطبوعات الورقية والتلفزيون الحكومي بشكل عام و بشكل كبيرولكن قبل نخوض في شرح لماذا تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي تمثل احد مهددات الامن القومي لاي دولة لابد أن نتحدث ولو بشكل مبسط عن عن أسباب التحول نحو الإعلام البديل الذي كان جديدا منذ فترة بسيطة واصبح الان بديلا وان كان رئيسيا ومحركا وشريكا مؤثرا في اتخاذ القرار.
أسباب التحول إلى الإعلام البديل :
اذا عددنا اسباب التحول المجتمعي نحو الاعلام البديل المعروف باسم وسائل التواصل الاجتماعي نستطيع حصر عدة اسباب نوردها بشكل علمي :1 الحرية المطلقة التي يكفلها الإنترنت” شبكة المعلومات الدولية” حيث لم يجد المواطن بديلا إلا الإنترنت والشبكات الاجتماعية لنقل قضاياه والبحث عم حلول لها من خلال المعلومات التي توفرها شبكات التواصل الاجتماعي من قلب الحدث بالصوت والصورة والتي عجز الإعلام التقليدي” صحافة مطبوعة واعلام تلفزيوني ” عن نشرها.
عدم مصداقية الإعلام التقليدي وعدم حيادتيته أحيانا في نقل المعلومة هو أحد الأسباب وان كان سببا رئيسيا أيضا أدي إلى هذا التوجه المكثف وتقريبا الوحيد نحو استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للحصول علي المعلومات .
مساهمة شبكات التواصل الاجتماعي في صناعة ما يعرف ب “ثورات الربيع العربي ” التي هدمت دولا ومجتمعات ما كانت تستطيع قوة تقليدية في القيام به .
يكمن التهديد الأساسي في هذه الشبكات في أنه :
“أ” يصعب جدا السيطرة على ما ينشر فيها مهما كانت الأسباب أو الوسائل المستخدمة في تكوين وتشكيل شبكات التواصل الاجتماعي للرأي العام .
“ب “رخص اسعار الادوات التي تمكن المواطن من الوصول اليه سواء كان ” جهاز تليفون محمول او انترنت رخيص الثمن ” .” ج ” التكنولوجيا المتطورة لادوات الولوج الي الانترنت سواء كات ” موبايل مزود باحدث كاميرات التصوير او ميكروفونات التسجيل او كمبيوترات صغيرة وسهلة الحمل والاستخدام ” .
ومن المتوقع ربما تصبح حكومات الدول مستقبلا دون “صحافة او اعلام تقليدي ” تدعمها إذا اعتمدت على وسائل الإعلام التقليدي الذي انصرف عنه الجمهور في بعض البلدان للاسباب سابقة الذكر .والحل يكمن في توجه حكومات الدول نحو الاعلام البديل بدعم مادي ومعنوي لتشكل من خلاله الرأي العام
ولا يمكن ان يكون الحل في وضع قوانين اوتشريعات جديدة تقيد هذا التوجه بل في مواكبته الحكومات لهذا النوع من الإعلام
“نظرية مكافحة النيران بالنيران “
الشائعات كاحد وسائل حروب الجيل الرابع
قتل هذا الموضوع بحثا وتناولا في العشر سنوات الاخيرة من حيث بيان أنواع وخطورة حروب الجيل الرابع التى تختلف عن الحروب التقليدية باستخدام الأسلحة والجنود .
والمختصر في هذا الامر دون الدخول في تفاصيل ربما نفرد لها ورقة بحثية مبسطة ان حروب الجيل الرابع تستهدف احتلال العقول وإحداث تأثيرات سلبية على معنويات الشعوب وفقدان الثقة في القيادة السياسية ومؤسسات الدولة ونشر روح الاحباط والتشاؤم والتشكيك المستمر والدائم في كل ما هو ناجح او متقدم مما يكون سريع الاثر لهدم الدول .ولذا يجب ضرورة تحرى الدقة عند سماع أو تداول معلومات أو شائعات تتعلق بمؤسسات الدولة خاصة مؤسستى الجيش والشرطة باعتبارهما يمثلان العمود الفقرى للأمن القومى في اي بلد و خاصة مصر لأن العدو يستهدف النيل منهما بالمقام الأول ثم باقى مؤسسات الدولة بعد ذلك عدم الانسياق وراء تلك الشائعات والتأكد أولا من المصدر قبل نشرها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي .
واخيرا وهو ما اسلفناه سابقا للتأكيد ان أهداف حروب الجيل الرابع ضرب الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعي للدول .
ملحوظة : تم الاعتماد علي عدة مصادر وكتب تناقش هذا الموضوع صادرة عن دور نشر عربية بالاضافة الي الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ومحركات البحث لتدقيق بعض المعلومات
مسموح بالنقل واعادة النشر مع الاشارة الي المصدر .