بنت الأكحل وشهادة للتاريخ
د. خديجة حمودة
عرض موقع اتحاد الإعلاميات العرب، ومقره القاهرة، على موقعه الخاص على الواتس آب، فيديو تحت عنوان «هدية ليافا»، الفيديو لسيدة فلسطينية من يافا فى التسعينات من عمرها تنتمى لعائلة شهيرة عائلة «الأكحل» تحت عنوان «احتفظوا بهذه الفيديوهات لكم ولذرياتكم».
قالت السيدة العجوز وهى تستعرض مشاهد من فيلم تسجيلى لشوارع يافا تظهر فيها المحلات واللافتات فوقها بأسماء عربية: «هذه دكانة أبويا عارف الأكحل لتصليح الأسلحة فى شارع الصليحية»، وحكت أنه فى يافا كانت هناك باصات ظهرت فى الفيلم تنقل الفلسطينيين من بلد إلى بلد ومن قرية لأخرى ومن مكان لمكان داخل فلسطين، وأن هذه الباصات كانت ملك عائلة باميه التى تعمل فى نقل الركاب بسياراتها الخاصة.
وتضمن الفيديو لقطات للفلسطينيين فى طرقات يافا وشوارعها يعيشون حياة طبيعية فى وطنهم، لينتقل إلى مرحلة جديدة بظهور سفن تحمل يهوداً تحت حماية الإنجليز لتقول صاحبة الفيديو إن اليهود تم نقلهم بأعداد ضخمة أتى بهم الجيش البريطانى بدعوى حقوق الإنسان والديمقراطية والتى وصفتها السيدة العجوز بأنها ليست إلا أكاذيب دولية كان الهدف منها تسكين طائفة غير فلسطينية ولا عربية على تلك الأرض العربية.
واستطردت ابنة يافا أن الإنجليز تركوا الأسلحة التى دربوا عليها اليهود لهم ليقتلوا بها أصحاب الأرض وغادروا إلى بلادهم وهكذا قاتلوا الفلسطينيين وطردوهم من أرضهم وأكدت أنها لا تنسى حتى الآن يوم ٢٨ أبريل عام ١٩٤٨ عندما تم ترحيلهم من يافا ليرددوا بعد ذلك أكاذيبهم بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم، وهى الكذبة الكبرى التى أعدوها ورددوها للعالم.
وتقول العجوز الفلسطينية إن والدها كان من المجاهدين من داخل دكانه الصغير حيث كان يقوم بإصلاح أسلحة الفدائيين الفلسطينيين عندما تتعرض للتلف الأمر الذى جعله مستهدفاً من القوات الإسرائيلية بعد أن يتأكدوا أنه يصلح الأسلحة التى يقتلون بها الجنود، حيث كان يتم القبض عليه ويسجن ليعود بعد الإفراج عنه لنفس السبب.
ونفت ابنة ذلك الفدائى مقولة رددها اليهود كثيراً لتشويه صورة الفلسطينيين، حيث أكدت أنهم لم يبيعوا أرضهم بل طردوا منها، وكيف يبيعون أصلهم وحياتهم وذكرياتهم وتساءلت وهل يبيع أحد الأوطان والأحلام والذكريات؟
من أجل هذه السيدة وأحفادها وأبنائهم إن كانوا ما زالوا على قيد الحياة لا بد أن نعمل على جمع هذه الذكريات لنقدمها للعالم فى أى صورة نجدها دليلاً على ما تحاول قوى الشر محوه ونفيه وتزوير بديل له، فهل سنجد من يملك مثل ذلك الفيلم القديم لنبحث من خلاله عن أسماء تلك العائلات التى فقدت تحت الأنقاض بالكامل ومُحيت أسماؤها، جميع أجيالها التى كانت تعيش فى الأرض التى تحولت لأرض محروقة، من السجل المدنى الفلسطينى؟
فلا بد من بحث جاد تتبناه مؤسسة أو منظمة عالمية، بحث فى جميع دول العالم خاصة تلك التى تجذب المهاجرين وتمنحهم الجنسيات الجديدة وتعطيهم فرصاً للحياة الآمنة بعيداً عن الحروب والكراهية والعنف والاعتقالات والتعذيب، لنبحث عن الجذور التى اقتلعوها من أرضها ونكتب ونصور ونسجل ما يقولون حتى لا ينسى العالم ولا التاريخ هؤلاء ولا تلك الأرض والحضارة والذين دافعوا عن البقاء حتى الموت.
وفى الموسوعات التاريخية صفحات كثيرة موثقة قد تفيد من سيتولى هذه المهمة، حيث خصصت فصلاً كاملاً عن العائلات الفلسطينية وأشارت إلى أن هناك العديد من العائلات الفلسطينية البارزة التى ساهمت فى المجتمع والسياسة والاقتصاد فى فلسطين التاريخية.
وتشمل تلك العائلات عائلة العيسى وأبوعزام والنشاشيبى وعائلة طوقان ونسيبة وشاويش وبركات وشعث وشراب والخليل وآل رضوان والزيتاوى وأبوغوش ودغمش والدويهى وعشيرة حلس وعشيرة جرار وبدو النقب وعائلة الجيوش وعائلة الرشق. وتقوم العائلات الفلسطينية البارزة بتخصيص أدوار محددة لأفراد مجتمعهم، فعلى سبيل المثال شغل أفراد من عشيرة الخالدى مناصب إدارية عليا فى المجتمع.
وواحدة من أقدم وأكبر العائلات فى فلسطين عائلة البرغوثى التى ترجع أصول أجدادها إلى أكثر من ١٠٠ عام مع أكثر من ٢ مليون ونصف مليون من أفراد الأسرة انتشرت غالبيتها فى ٧ دول.
وبالرغم من أن المسيحيين الفلسطينيين يمثلون أقلية صغيرة نسبياً إلا أن العديد من العائلات الأكثر تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً فى فلسطين كانت مسيحية مثل عائلة العيسى من يافا التى تعتبر من أكثر العائلات شهرة بسبب مساهمتها العديدة فى الصحافة الفلسطينية التى تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، حيث يعود تاريخ أول صحيفة لهم «الأصمعى» إلى عام ١٨٨٧.
هناك عائلة أرثوذكسية يونانية بارزة أخرى هى عائلة أبوعزام التى تعتبر من أغنى العائلات التجارية فى الرملة، حيث تمتلك وتدير العديد من الأعمال التجارية. فلندعُ جميعاً تلك الأسماء وغيرها من الفلسطينيين الذين عاشوا ولعبوا أدواراً بارزة ليشهدوا شهادة حق للتاريخ.
a..واقرأ لهؤﻻء
المزيد
رفعت رشاد
مجمع اللغة العربية
سعيد حجازي
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. نغمة السماء الخالدة
بلال الدوي
«قناة الوثائقية» عنوان التفرُّد تحت راية «الشركة المتحدة»