عندما تقف السلطة والشارع في مواجهة مباشرة، يصبح المستقبل ضبابياً… كوريا الجنوبية، الدولة التي لطالما كانت رمزاً للديمقراطية والاستقرار في آسيا، تقف اليوم على حافة الهاوية.
تخبط سياسي غير مسبوق يضرب كوريا الجنوبية، مع إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية، في خطوة وصفها معارضوه بـ”التمرد على الديمقراطية”، وبرر الرئيس هذه الخطوة بأنها ضرورية لحماية البلاد من “تهديدات أمنية”، إلا أن البرلمان، الذي تهيمن عليه المعارضة، لم يتأخر طويلاً، فصوّت بالأغلبية لإلغاء القرار، ما أجبر الرئيس على التراجع خلال ساعات قليلة.
لكن التراجع لم يُنهِ الأزمة. فقد اقتحم الجيش مبنى البرلمان وسط العاصمة.. مشهد يعيد للأذهان صور الانقلابات التي كانت تُميز دولاً مضطربة لا واحدة من أكبر اقتصادات العالم.. الجنود حطموا النوافذ، واقتحموا القاعات، فيما اشتبك المتظاهرون في الخارج مع الشرطة في محاولة لردع قوات الجيش.
مصادر من الحزب الحاكم قالت إن وزراء الحكومة أعربوا عن نيتهم في تقديم استقالاتهم الجماعية لرئيس الوزراء، وذلك بعد إعلان الرئيس الأحكام العرفية “الطارئة”، ورفعها لاحقاً، ما أثار أكبر أزمة سياسية في البلاد، ومطالبات بعزل الرئيس.
هتافات الغضب تملأ الشوارع.. دخان طفايات الحريق يتصاعد من داخل البرلمان بينما الجنود يحاولون إحكام السيطرة.. والمروحيات العسكرية تحلق فوق سماء العاصمة.
رئيس ديوان الرئاسة وعدد من كبار معاوني الرئيس أعلنوا استقالاتهم، فيما وصف الاتحاد الكوري للنقابات العمالية خطوة الرئيس بـ”الإجراء المناهض للديمقراطية”، داعياً إلى إضراب عام مفتوح حتى استقالته.. المعارضة لم تتوقف عند حدود الاحتجاج، بل تعهدت بملاحقة الرئيس قانونياً بتهمة “التمرد”.
تأتي هذه التطورات بعد أن تعثرت حكومة يون في تمرير خططها بسبب سيطرة المعارضة على البرلمان.. فضائح فساد سياسي، وتراجع شعبيته، ومحاولاته السيطرة على الإعلام، زادت من غضب الشارع.
الولايات المتحدة رحبت برفع الأحكام العرفية، داعية إلى “حل سلمي”، بينما عبّرت الصين عن قلقها، محذرة مواطنيها في كوريا الجنوبية من توتر الأوضاع.
بين جيش مستعد، وشارع يثور، ومعارضة لا تُظهر أي نية للتراجع… كوريا الجنوبية قد تكون على أعتاب انفجار سياسي غير مسبوق. فهل سيتمكن الرئيس من استعادة زمام الأمور؟ أم أن الديمقراطية في هذا البلد قد دخلت اختبارها الأصعب منذ عقود؟