حمدى رزق يكتب: ٣٥ سنة حرية
لو كان طيب الذكر الروائى الكبير «إدوار الخراط» بيننا، لكان لاحتفالية مركز «الحرية» لعلاج الإدمان والإيدز، بمرور (٣٥ عامًا) على تأسيسه وإطلاقه مذاق آخر.
لسجل الكبير بقلمه الساحر، قصة نجاح فكرة نجله الكريم دكتور «إيهاب الخراط» التى أثمرت، وعَمَّرت، وتَحَوَّلت إلى برنامج وطنى نموذجى يُضاهى النماذج العالمية بقصة نجاح مصرية، يقوم عليها شباب مصريون نذروا حياتهم لمساعدة الذين سقطوا فى بئر الإدمان، وهى بئر عميقة مظلمة ما لها من قرار، الخارج منها مولود يتنشق رحيق الحياة.
ليلة احتفالية المركز فى كنيسة «قصر الدوبارة» زانها حضور المتعافين، وكان حضورهم مبهجًا، والتصفيق وقوفًا من قبل الحضور كان مؤثرًا، والدموع تسبق الزغاريد التى أشاعت غبطةً وسرورًا، تحس بأن الدنيا تبتسم مجددًا لشباب اختطفهم غول الإدمان وهم عنه غافلون.
دخلت إلى الكنيسة بمشاعر عادية محايدة، ومع توالى قصص المتعافين الناجحة، وشجاعتهم فى الاعتراف بما كان منهم، وكيف كانوا، وكيف أصبحوا، خطفوا قلبى وقلوب الحضور، ولا تسل عن دموع الأمهات الطيبات التى سالت غزيرة وهن يستردن فلذات أكبادهن من براثن غول رهيب امتصَّ رحيق شبابهم فحَوَّلهم إلى أشباح تهيم على وجوهها.
قصة ٣٥ عامًا من الأعمال الشاقة التى يقوم بها فريق المركز بطول وعرض البلاد، كتائب متطوعة فى مواجهة غول الإدمان، شباب يفرح القلب يقدم الخدمة الطبية والنفسية والإنسانية عن طيب خاطر، تسبقهم ابتسامة أمل، يعالجون مرضًا عضالًا بعواطف سخية، حَوَّلوا المراكز إلى واحات خضراء، يزرعون الأمل فى صحراء الحياة.
توثيق الفكرة، ومع توالى الأعوام، والنجاحات المحققة التى تتحدث عنها الأرقام، جديرة بالتعميم على هذا النسق الفريد، وهذا يتطلب نفرة مجتمعية لرفد الفكرة وأفكار مجتمعية أخرى بالدعم الضرورى ماديًا وإنسانيًا.
الإدمان يكشف البيوت المستورة على ما فيها من آلام، ومع نظرة مجتمعية قاسية، تصبح «الشيلة ثقيلة» وتحتاج إلى دعم مادى، إلى نظرة مجتمعية أكثر إنسانية، المدمن مريض، وليس على المريض حرج، فحسب توفير المراكز التى تقبله، وتتوافر على إنقاذه باحترافية طبية، وبرامجية تأهيلية ليعود نافعًا لأهله ووطنه.
ألق فكرة الخراط فى تكافليتها، نموذج للتكافل، ما ينفقه المدمن الميسور على علاجه يُعالج به مدمنًا مستورًا، البرامج المجانية تمول البرامج الاقتصادية، تجسيد لحالة تكافلية نادرة المثال.
تبقى الدعم النفسى والمعنوى والمادى من قبل نجوم المجتمع ورجال أعماله، وكما فعلها أيقونة مصر كابتن «محمد صلاح» ووَجَّه رسالة عظيمة يُحذِّر فيها من خطر الإدمان، هناك رسائل أخرى ننتظرها من نجومنا الأعزاء، لن نصادر على المطلوب، ولكن نفرة النجوم لتأدية واجبهم فى واحدة من معارك الوطن الكبرى تأسيًا بصلاح، خليق بالاعتبار، وفى الأخير إلى الصديق الخلوق «إيهاب الخراط» طبتم وطاب مسعاكم.