المصالحة الإثيوبية الصومالية برعاية تركية
شارل فؤاد المصري يكتب عن :
عندما اعترفت إثيوبيا في قرار مندفع قبل ثلاثة أشهر باستقلال إقليم أرض الصومال “صومالي لاند”، قامت الدنيا ولم تقعد في جمهورية الصومال التي اعتبرت أن مثل هذا الاعتراف يشكل تعدياً سافراً على سيادتها واستقلالها وتدخلاً في شؤونها الداخلية.
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أكد في كلمة أمام مسؤولي الحكومة الصومالية في مقديشو أن إثيوبيا تعدت على استقلال الصومال وسيادته، وتعهد بأن بلاده لن تتنازل عن شبر واحد من أرضها وبحرها لإثيوبيا.
التوتر خيم على العلاقات بين الصومال وإثيوبيا وجاء عقب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال، تسعى إثيوبيا بموجبها إلى استخدام أحد موانئ البلاد بطول 20 كيلومتراً، خاصة وأن إثيوبيا دولة حبيسة وتعتبر أن من حقها أن يكون لها ميناء على البحر رغم أن الجغرافيا هي التي حرمتها من ذلك. وأدى التوتر إلى استدعاء أديس أبابا لسفيرها لدى الصومال حسب ما نشره الإعلام الدولي.
الرئيس السيسي أكد لنظيره الصومالي موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية، ومواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. هذه التأكيدات جاءت للرئيس الصومالي عند زيارته لمصر مؤخراً والتي تم فيها زيادة أوجه التعاون بين البلدين العربيين الإسلاميين.
ولكن لماذا لجأ أبي أحمد إلى تركيا ليعقد مصالحة وصفت بـ”التاريخية” مع الصومال؟ وهل يؤثر ذلك على مصر؟ السؤال الأخير هو الذي يدور على ألسنة المصريين وخاصة المتابعين للنشاطات التركية في عدة دول ومنها سوريا وليبيا وأيضاً الصومال التي عقدت معها اتفاقية تجارية للتنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية الصومالية.
الإجابة تتلخص في عدة محاور على الجانبين الإثيوبي والتركي
أولها: أن أبي أحمد استشعر أن اتفاقيته ذهبت هباء منثوراً خاصة بعد فوز زعيم المعارضة في إقليم أرض الصومال برئاسة الإقليم، وهو شخص شديد المراس حسب وصف وسائل الإعلام.
ثانيها: أن إثيوبيا تشعر بالقلق من الوضع الجديد في إقليم أرض الصومال.
ثالثها: البحث عن وسيلة آمنة سياسياً تحفظ ماء وجه رئيس الوزراء الإثيوبي الذي يستشعر الحرج نتيجة المأزق الذي أوقع نفسه فيه، وأيضاً تجاه التغيرات السياسية التي حدثت في منطقة القرن الإفريقي بعد توقيع اتفاقيته التي راحت في الهواء، فلجأ إلى فكرة المصالحة ولم يجد إلا تركيا التي وقعت مع الصومال بالفعل كما أسلفنا اتفاقية اقتصادية.
وأتوقع أن تتراجع إثيوبيا عن اعترافها بإقليم “أرض الصومال” ربما بشكل غير علني حتى لا يضعف موقف أبي أحمد أكثر وأكثر.
أما عن تركيا، فلا أعتقد أن الاتفاق التركي الصومالي سيؤثر بشكل أو بآخر على مصر أو على قواتها الموجودة في الصومال تحت مظلة الأمم المتحدة. فالصومال دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة تفعل ما تراه مناسباً لها وتفعل ما تراه مناسباً أكثر، وهو ما تحقق في زيارة رئيسها إلى مصر مؤخراً.
وإقليم أرض الصومال، وهي منطقة صحراوية إلى حد ما تقع على ساحل خليج عدن، كانت محمية بريطانية ثم حصلت على استقلالها في عام 1960 واندمجت مع الصومال، التي كانت تحتلها إيطاليا آنذاك لتكونا معاً جمهورية الصومال. ثم انفصلت أرض الصومال وأعلنت استقلالها عن جمهورية الصومال في عام 1991 عقب الإطاحة بالرئيس الصومالي السابق سياد بري. وبالرغم من أن أرض الصومال غير معترف بها دولياً، فإنها تتمتع بنظام سياسي ولديها مؤسسات حكومية وقوة شرطة وعملة نقدية خاصة بها.