الأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات..
بقلم : حمدي رزق
“من قواعد الشرع أن من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أولًا أن يتقدم الصفوف بنفسه، كما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات بدلا من استثارة العواطف والمشاعر، تاركين غيرهم يواجهون العواقب”.
الفقرة أعلاه من بيان معتبر لدار الإفتاء المصرية ، مستوجب التوقف والتبين أمام سطور البيان الذي صدر ليرد غائلة عصبة مارقة، خارجة عن الإجماع، تتبضع مكاسب سياسية علي حساب أرواح الأبرياء.
دار الإفتاء ترد برصانة فقهيه على دعوات شريرة، مثل مسيرات مفخخة شيرتها منابر إخوانية عقورة من عواصم تتبضع دورا لم تقم به، وجهادا لم تسع إليه، وموقفهم في هذا السياق موقف المنافقين.
التولي يوم الزحف عنوانهم، فحسب دعوات مخاتلة تستهدف إثارة القلاقل بالمظاهرات والخروجات غير المحسوبة العواقب في العواصم العربية والإسلامية سيما في دول الطوق من حول غزة، تحديدا في مصر والأردن.
البيان المعتبر يبان من عنوانه، والفقرة أعلاه في صدر بيان دار الإفتاء أطارت صواب دعاة الفتنة والعاملين عليها، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .
دار الإفتاء تئد فتنة وقودها الناس والحجارة، قطعت الطريق على دعوات مفخخة تصدر من عواصم بعينها تستهدف قلقلة الداخل المصري وفي دول عربية وإسلامية أخرى، ونحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الرأي تردى!!
مراجعة بيانات الفتنة وأسماء العاملين عليها، جلهم إخوان، ومن المؤلفة قلوبهم إخوانيا، هناك استهداف إخواني لمصر وشعبها وجيشها بثأرية تنضح غلا، الإخوان مصنفين ألد الخصام.. أي شديد الخصومة!
بيان إخوان الشيطان الصادر عن ما يعرف باسم “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، يستهدف فتنة في وقت اصطفاف، وشرخ في صف مصفوف، لا يخدم سوى مصالح ضيقة لطائفة من “شذاذ الآفاق” مصطلح تحقيري يصف عادةً مجموعة من البشر الغرباء المشرذمين، يجتمعون تحت راية عمية، لا ترعوي لوطن ولا علم ولا نشيد، فحسب تخليص ثارات مزمنة في توقيت عصيب.
بيان دار الإفتاء البليغ، ممهورا بتوقيع مفتي الجمهورية الشجاع العلامة الدكتور “نظير عياد”، محرج فقهيا لهذه الفئة الضالة، أخرس الأصوات النشاز التي خرجت من جحورها كالأفاعي مجلجلة تنفث السم في الأنية، ويتباكون على جهاد، يبكون غزة بالدمع الهتون، دموع التماسيح تسيل من عيون وقحة، عيون ترى حرب الإبادة ولا تحرك ساكنا، فحسب تفتن الناس حول قيادتها بفتاوي ما أنزل الله بها من سلطان.
يذكرك هذا المشهد البائس لإخوان الشيطان، بشعارهم الموؤود، “ع القدس رايحين شهداء بالملايين”، ولم يغبر نفر منهم قدميه نحو غزة نصرة ، حتى لم يقدموا رغيف بالغموس، وهم من جبلوا علي جمع التبرعات ونهبها، ويتفاخرون في منافيهم “ع دمشق رايحيين جايين، نبارك بالملايين”!!
ويل للمتبضعين، يتبضعون قضية بالقضية الفلسطينية، ويجولون ببضاعتهم الفاسدة على أسواق النخاسة السياسية، صدق العقاد فيهم قولا بليغا ، هم إخوان خوان (خوان المسلمين).
دار الإفتاء اضطلاعا بمسئوليتها الشرعية نفرت مشكورة إلى بيان حكم الشرع في بيان خوارج العصر إلى وجوب الجهاد المسلح على كل مسلم ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتطالب هذه الطغمة المنافقة الدول الإسلامية بتدخل عسكري فوري وفرض حصار مضاد!!
كشفت الدار العريقة عورة هؤلاء، وفضحت كذبهم وما يأفكون، خلاصة بيان دار الإفتاء أن الجهاد مفهومٌ شرعيٌّ دقيق، له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعًا، وليس من حق جهة أو جماعة بعينها أن تتصدر للإفتاء في هذه الأمور الدقيقة والحساسة بما يخالف قواعد الشريعة ومقاصدها العليا، ويعرِّض أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية للخطر”.
دار الإفتاء في بيانها لم تستنكف نفرة المسلمين لغوث الفلسطينيين، ولم تمار في وجوب دعمهم، وبينت
“أن دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة ، واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، لكن بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة أو مغامرات غير محسوبة العواقب، تجرُّ مزيدًا من الخراب والتهجير والكوارث على الفلسطينيين أنفسهم”.
وفي الشرح قالت دار الإفتاء في بيانها المفيد أن “الدعوة إلى الجهاد دون مراعاة لقدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي ، هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتحذر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمة والمجتمع”.
بيان الدار يتسق مع قاعدة فقهية سليمة يلخّصها قول الإمام السبكي رحمه الله: “درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ويستثنى مسائل يرجع حاصل مجموعها إلى أن المصلحة إذا عظم وقوعها، وكان وقع المفسدة (أخف)، كانت المصلحة أولى بالاعتبار، ويظهر بذلك أن درء المفاسد؛ إنما يترجح على جلب المصالح إذا استويا”.