فرصة ذهبية أتيحت لي – بالصدفة – لمعايشة فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي استضافتها اليابان وكوريا في عام 2002، بالرغم من أن اهتماماتي بالرياضة تكاد تكون معدومة، باستثناء أمنياتي الطيبة لأحد الفرق المحلية بأن يفوز والسلام! فور بدء مهمتي مراسلا لـ “الأهرام” في العاصمة اليابانية، طوكيو، أواخر شهر ديسمبر عام 2001، وجدت في انتظاري قائمة طويلة – عريضة من المهام الصحفية، والتكليفات من القسم الرياضي برئاسة الزميل حسن المستكاوي، لتفقد الملاعب في 10 مدن يابانية، تستقبل النهائيات في الفترة من 31 مايو وحتى 30 يونيو 2002. لأن الدولتين المضيفتين للنهائيات، اليابان وكوريا الجنوبية، وضعتا كشف حساب – تقديري بالأرقام – للحدث، أنقل تقريرًا كتبته من طوكيو، ونشرته الأهرام، في 28 إبريل 2002، جاء فيه: “أنفقت اليابان، 4.7 تريليون ين، أي نحو 4 مليارات ونصف المليار دولار، لبناء 10 ملاعب – دولية – لاستضافة نهائيات كأس العالم.
في حين لم تتجاوز تكلفة استضافة كوريا الجنوبية للبطولة 1.7 مليار دولار، وهو ما يزيد 3 مرات على إنفاق فرنسا على البطولة عام 1998، وتوقعت اليابان تدفق 400 ألف زائر لمشاهدة المباريات، لتجني – في نهاية الأمر – نحو 26 مليار دولار. في بطولة نهائيات كأس العالم 2002 في اليابان وكوريا الجنوبية، حلق 2.7 مليون طائر “كركي” مصنوع من ورق “الأوريجامي” في سماء ملعب مدينة يوكوهاما اليابانية، للاحتفاء بالفائز بعد انتهاء المباراة النهائية، بما يرمز للفرح والنصر. لأن لليابان تاريخًا يعتمد على أداء منتخب الساموراي الأزرق Samurai Blue في مباراته الأولى في نهائيات كأس العالم، وقد بلغ دور الـ 16 في ثلاث، وخرج من الدور الأول في ثلاث أخريات، ولم يحالفه الحظ لبلوغ دور الـ 16 في 2022. لا شعوريا، ضبطت نفسي متلبسًا في خندق مشجعي منتخب الساموراي في مباراته الأولى لمونديال 2022 أمام المنتخب الألماني، بالضبط كما كنت مشجعًا للمنتخب، نفسه، في عام 2002، وتفاعلت مع جماهير المشجعين اليابانيين، الذين تدفقوا – في وقت متأخر من مساء يوم الأربعاء الماضي – عند تقاطع المشاة الشهير بالقرب من محطة قطارات “شيبويا”، بعد تغلب اليابان على ألمانيا بهدفين مقابل هدف. تفاعلت ثانية، وأنا أرى المشجعين اليابانيين وهم يجمعون القمامة، عقب انتهاء المباراة بملعب خليفة الدولي، فيما ترك منتخب الساموراي الأزرق غرفة الملابس نظيفة للغاية، وصورًا لأجسام طيور “كركي” مصنوعة من الورق، مع ملاحظة شكر مكتوبة باللغتين اليابانية والعربية، مما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم، فيفا، إلى توجيه الشكر لكل من المشجعين والمنتخب، لأنهما أعطيا مثالا يحتذى به، ونشر الاتحاد تغريدة شكر: “دومو أريجاتو” باللغة اليابانية، أي شكرًا جزيلا. في كوريا الجنوبية، التي يحتل منتخبها المركز 28 في تصنيف الفيفا، تابعت – عبر الميديا – فعاليات تشجيع جمهورها للمنتخب في مباراته الأولى يوم الخميس الماضي أمام أوروجواي، التي انتهت بالتعادل، وتجمع نحو 26 ألف شخص بميدان “كوانج هوا مون”، وسط العاصمة سول، التزموا – طواعية – بقواعد السلامة. فرحة الكوريين كانت كبيرة لمشاركة الفنان الكوري “جونج كوك” في حفل افتتاح مونديال 2022، ومع حظر تناول جميع منتجات لحم الخنزير في قطر، ابتكر الطباخان الكوريان المرافقان للمنتخب وجبات بديلة من الدجاج والبط ولحم البقر. ولأن الأمور تحسب بالأرقام، في كوريا الجنوبية، كما هو الحال بالضبط في اليابان، فقد اهتمت الميديا الكورية بمجمل البيانات -الرقمية والحسابية- لمونديال 2022: – تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها بطولة كأس العالم في منطقة الشرق الأوسط، وتقام نهائيات كأس العالم لأول مرة في فصل الشتاء، نظرًا لمناخ الصيف الحار في قطر. – فازت البرازيل بكأس العالم 5 مرات (رقم قياسي) في الأعوام 1958، 1962، 1970، 1995، 2002، ويعد المنتخب البرازيلي المنتخب الوحيد الذي نجح في التأهل لجميع نهائيات كأس العالم منذ عام 1930. – فازت 8 دول – فقط – ببطولة كأس العالم خلال 21 بطولة سابقة، وباستثناء نتائج مونديال 2022، فاز المنتخب البرازيلي 5 مرات، يليه المنتخب الألماني والمنتخب الإيطالي (4 مرات) والمنتخب الأرجنتيني والمنتخب الفرنسي والمنتخب الأوروجوياني (مرتان)، ثم المنتخب الإنجليزي والمنتخب الإسباني. – يعتبر المهاجم الألماني “ميروسلاف كلوزه” هداف كأس العالم التاريخي، بتسجيله 16 هدفًا خلال 4 بطولات، في الأعوام 2002، 2006، 2010، 2014. ويعد اللاعب الفرنسي “جوستفونتين” هداف الكأس لـ 1958 برصيد 13 هدفًا. – في السابق، كان الحد الأقصى لعدد اللاعبين – لكل منتخب وطني – هو 23 لاعبا، ولكن بالنظر لتداعيات كورونا ودوري أبطال أوروبا، فتم زيادة عدد اللاعبين إلى 26 لاعبًا الذين يمكن إدراجهم في قائمة اللاعبين النهائية لكأس العالم. – تعتبر هذه النسخة الأخيرة من نسخ كأس العالم التي يشارك فيها 32 منتخبًا، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم توسيع البطولة لتشمل 48 منتخبًا ابتداءً من كأس العالم 2026. – تبلغ مساحة قطر 4468 ميلًا مربعًا، وهي أصغر دولة تستضيف كأس العالم على الإطلاق. – يبلغ مجموع الجوائز المالية لكأس العالم بقطر 440 مليون دولار، سيحصل الفائز بالمركز الأول على 42 مليونًا، وسيحصل الفائز بالمركز الثاني على 30 مليونًا، بينما سيحصل كل منتخب يخرج من الدور الأول على 9 ملايين دولار. – قدرت مجلة فوربس الأمريكية أن قطر أنفقت 229 مليار دولار لإقامة كأس العالم، وذلك يشمل تكلفة بناء 7 ملاعب جديدة وإنشاء شبكة المواصلات، بينما كانت روسيا قد أنفقت 11.6 مليار دولار-فقط- لإقامة كأس العالم في عام 2018.
ما دام الحديث عن مونديال قطر 2022 منصبا على أجواء التفاعل مع البطولة في آسيا، فقد تحدثت الصين عن مشاركة – غير مباشرة في البطولة – من خلال إنشاء الملعب الرئيسي، وإنتاج الهدايا التذكارية، والأهم – من كل ذلك – توفير معدات – عالية الجودة وموفرة للطاقة – لإمدادات المياه بشكل سلس إلى قرى المشجعين. فقد سلمت شركة من مقاطعة تشجيانج بشرقي الصين 78 مجموعة من إمدادات المياه إلى قطر، مزودة برقائق ذكية يمكن توصيلها بنظام للمراقبة على الإنترنت لرصد بيانات التشغيل، بالإضافة إلى الفحص عن بعد لأي خلل، وفي حالة حدوث أي عطب، يمكن للفنيين تحقيق الاستجابة السريعة.