حسن عامر
الان تقول البشاير بأعلي صوت لها إن مصر تسير علي الطريق الصحيح .
عندما تدرك الدولة أن هناك عصابات في كل وزارة تحمل بطاقة الضبطية القضائية . وأن الضرورة تلزم تفكيك هذه العصابات حتي نخفف علي الناس والمستثمرين عبء تكاليف غير مرئية لمراضاة أصحاب الضبطية القضائية .
اليوم عقد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء ، إجتماعا مع المستشار عمر مروان وزير العدل ، ليس لدراسة الموقف ، ولكن لإتخاذ قرارات تطهير الوزارات المختلفة من حملة الضبطية القضائية ..
( إقرأ نص قرار مجلس الوزراء في نهاية المقال ) .
لقد كتبت ونشرت مالا يقل عن ٢٠ مقالا ودراسة عن مخاطر عصابات الضبطية القضائية علي إمتداد عقدين من الزمان ..
نشرت جزءا من هذا الجهد في صحيفة صوت الأمة ، ثم في صحيفة الفجر ، ثم في البشاير.
اليكم آخر مقالة في الموضوع نشرت في ٢٠ يوليو ٢٠٢٠ تحت عنوان :
إياكم والضبطية القضائية: فإنها مثل الوباء الذي نعاني منه الآن
التاريخ الأبيض والأسود
الضبطية القضائية تعني : صلاحيات يتمتع بها بعض الموظفين . وُتهئ لصاحبها حقوق أقرب الي الحصانة البرلمانية .. وتسمح له بالإنحراف إذا شاء الإنحراف . والتربح والإبتزاز وممارسة التهديد ..
كانت الوظيفة محدودة الإنتشار والتخصص . وتمارس في حدود القوانين ذات العلاقة المباشرة بالحياة البيولوجية للبشر . مثل قوانين الأغذية والصيدلة والصحة العامة . وللموظف بحكم الصلاحيات التي يقررها وزير العدل : حق إقتحام المنشئات التجارية أو الإنتاجية . وإصدار التعليمات بوقف بيع أو إنتاج الأصناف التي تهدد حياة البشر.. وإتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع التهديد ..
بعد يوليو ١٩٥٢ إتسعت ولاية الضبطية القضائية لتشمل : الأجهزة التي نشأت لحماية الثورة والأمن العام . ثم إمتدت الي الأجهزة الرقابية التي نشأت لحماية المال العام مثل الكسب غير المشروع والنيابة الإدارية والرقابة الإدارية والتنظيم والإدارة والتعبئة والإحصاء . وأصبحت محورا رئيسيا في القوانين المنظمة لنحو ٦٣ جهاز رقابي . ثم إنتقلت صلاحيات الوظيفة الي الهيئات الرقابية الخدمية مثل هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات وهيئة التصنيع وهيئة المصل واللقاح وهيئة الطيران المدني وهيئات المواني ويغرها ..
وظلت الولاية محترمة . وتمارس في إطار من القيم والأخلاق والتقاليد الصارمة . وتضم أفرادا عرفوا بالنزاهة وطهارة اليد والقلب..
لكنها لم تعد كذلك .. أصابها الفساد والعفن كما أصاب الوظائف الرقابية الأخري . وتحولت الي وسيلة للتربح والإبتزاز والتهديد . وجلبت علي أصحابها منافع هائلة . وإشتكي منها جمال عبد الناصر نفسه في نهاية عصره .. وقال فــــــــي إحدي خطبه الجماهيرية ( إحنا عاوزين رقيب علي كل رقيب) ..
الجراد الأسود في وزارة الإسكان
سأقدم لكم نموذجا للضبطية القضائية في وزارة الإسكان وتوابعها ، حيث للضبطية شأن وهوي وفلوس ..
وتضمن قانون الإسكان الإقتصادي رقم ١٠١ لسنــــــــة ١٩٩٦ المادة (٤١) وتقول » يكون للمهندسين القائمين بأعمال التنظيم بوحدات الإدارة المحلية وغيرهم من المهندسين ممن يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالإتفاق مع المحافظ المختص صفة الضبطية القضائية . ويكون لهم بمقتضي ذلك حق دخول مواقع الأعمال الخاضعة لأحكام هذا القانون ، ولو لم يكن مرخصا بها وإثبات مايقع من مخالفات لأحكامه ولائحته التنفيذية . وعلي الأشخاص المشار اليهم في الفقرة السابقة التنبية كتابة علي المرخص اليهم والمشرفين علي التنفيذ الي مايحدث في هذه الأعمال من إخلال لشروط الترخيص ..
ولا أحد يدري لماذا تمنح سلطات الضبطية القضائية لمهندس التنظيم ، إذا كانت مهام الوظيفة ومسئولياتها تلزمه بالمرور علي مواقع العمل ، وزيارتها وتسجيل المخالفة ، وإصدار التعليمات بوقف العمل إذا كان ذلك ضروريا ..
ولماذا الحصانة الوظيفية في هذه الحالة ؟.
وجاء في نص المادة (٨١) » يتولي جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء بوزارة الإسكان والمنشأ طبقا لأحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ٢٩ والصادر بتبعيته وتحديد إختصاصات العاملين فيه وسلطاتهم في ضبط المخالفات وتحديد المسئولين عنها قرار رئيس الجمهورية رقم ٩٢ لسنة ٣٩٩١ أداء مهام التفتيش والرقابة والمتابعة علي جميع أعمال الجهات الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم بالوحدات المحلية في جميع أنحاء الجمهورية وذلك فيما يتعلق بأعمال البناء الوارده بهذا القانون ..
ويكون للعاملين بجهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء صفة الضبطية القضائية ويصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالإتفاق مع الوزير المختص بالإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ..
ولم يتساءل أحد : إذا كانت سلطات جهاز التتفيش محددة بقرار جمهوري . فما أهمية الضبطية القضائية في هذه الحالة ؟..
كيف إنتشر الطاعون علي هذ النحو الوبائي ؟ ..
الإجابه بإختصار : إنها المنافع ..
كانت منافع الضبطية القضائية في البداية مجرد بدل وظيفي يتراوح مابين ٥ الي٤٠ جنيها حسب الدرجة الوظيفية .. ثم إضيف اليه » بدلات أخري مثل الإنتقال وطبيعة العمل والجهد الشاق . ووفرت الوظيفة لصاحبها قدرا كبيرا من الأهمية والنفوذ ..
وأنشأت تلقائيا المعادلة المعروفة فـــــــــي الجهاز الوظيفي .. لكل رجل مُهم ثمن معلوم يدفعه أصحاب المصالح . لا فرق في ذلك بين أصحاب المصالح من الموظفين أو أصحاب المصالح من غير الموظفين .. والثمن يبدأ بهدية لتحييد الإجراءات المنوطة بحامل الضبطية القضائية .. . وينتهي برشوة لإخفاء معالم الجريمة والتستر عليها ..
وإنحرفت الوظيفة أكثر فأكثر عندما قررت الحكومات المتعاقبـة مبدأ : توزيع جزء من حصيلة الجباية علي الموظفين ..
ونشأ عن ذلك سباق مرعب ضد المواطنين الذين يخضعون لرقابة الضبطية القضائية .. سباق يستهدف إيقاع أكبر قدر من المحاضر والمخالفات وتلفيق الإداعاءات . محاضر ضد التجار والموزعين والمنتجين والصيدليات ومعارض الأزياء وأصحاب شركات ومكاتب الخدمات والمطابع والأنشطة الحرفية والباعة الجائلين . وكل من يبحث عن لقمة عيش خارج العمل حكومي ..
والنتيجة : ملايين الخصومات القضائية بين أجهزة الحكومة والمواطنين ، نصفها علي الأقل يقيمها أفراد الضبطية القضائية بالباطل ضد الأفراد ..
نقول بالباطل لأن الخصومات تنتهي غالبا بالبراءة ..
وغالبا ماتقام الدعوي القضائية لأن حامل الضبطية القضائية ، له نصيب في الغرامات والتعويضات ، كما يحدث في كل مصالح الجباية ..
نص قرار مجلس الوزراء الصادر اليوم ١١ يناير ٢٠٢٣
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، المستشار/ عمر مروان، وزير العدل، لاستعراض مجموعة من الضوابط الخاصة بحوكمة منح صفة الضبطية القضائية المُطبقة على قطاعات الاستثمار والأعمال.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هدف الاجتماع هو مناقشة عدد من الضوابط لحوكمة منح صفة الضبطية القضائية للموظفين العموميين؛ لمنع حدوث أي تجاوزات أو تعنت من قبل القائمين على تطبيقها بقطاع الاستثمار والأعمال، وذلك ضمن الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتيسير مناخ الاستثمار.
وعرض وزير العدل، في هذا السياق، مجموعة من الضوابط لمنح صفة الضبطية القضائية والتي تتمثل في وجوب منحها بقرار من وزير العدل بعد الاتفاق مع الوزير المختص، وأن يكون للموظف المختص بالضبطية القضائية صفة الموظف العام.
وقال المستشار عمر مروان: تُمنح الضبطية القضائية لضبط جريمة جنائية، وليس مخالفات إدارية، منصوص عليها في القانون الذي يبيح منح صفة الضبطية القضائية للموظف العام، كما تُمنح الضبطية القضائية في دائرة الاختصاص الوظيفي للموظف العام طوال شغله الوظيفة المعنية.
وأشار الوزير إلى وجوب أن تتعلق الضبطية القضائية بعمل من الأعمال المتعلقة بوظيفة الموظف العام، مضيفا: بالبناء على ما تقدم، يتعين على الوزارات المعنية النظر في تنقية كشوف حاملي صفة الضبطية القضائية في ضوء الضوابط السابقة.
وتطرق وزير العدل، خلال الاجتماع، إلى أن بعض الوزارات طلبت تنظيم دورات تدريبية لحاملي صفة الضبطية القضائية، ووجه رئيس الوزراء، في هذا الصدد، بالتوسع في تنظيم هذه الدورات، وحصر كل الجهات التي لديها صفة الضبطية القضائية، وعدد الأشخاص الذين لديهم هذه الصفة، مع ضرورة حصولهم على اعتماد من وزارة العدل، وأن تكون لهم “كارنيهات” مؤمنة تحمل هذه الصفة.
كما وجّه بإنشاء خط ساخن في وزارة العدل لتلقي أي شكاوى ضد من يتعسف في استخدام هذه السلطة، على أن يتم عرض هذه الضوابط على مجلس الوزراء لاعتمادها رسمياً.
وخلال الاجتماع، استعرض وزير العدل إحصائية تضمنت إجمالي قرارات منح صفة الضبطية القضائية عن الفترة من 1 يناير 2020 حتى 30 نوفمبر 2022، وكذا إجمالي القرارات الملغاة والتي سبق وأن منحت صفة الضبطية القضائية عن نفس الفترة، فضلا عن إجمالي عدد الموظفين العموميين الممنوح لهم صفة الضبطية القضائية عن الفترة ذاتها.
كما استعرض بيانا بقرارات منح صفة الضبطية القضائية الصادرة لوزارات: الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتنمية المحلية، والمالية، والكهرباء، والثقافة، والتموين، والموارد المائية والري، والتربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، والنقل، والدفاع، والشباب والرياضة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذا بيان بقرارات منح صفة الضبطية القضائية الصادرة للمحافظات وعدد من الهيئات.