أويد السيسي لفترة رئاسة جديدة د. سعد الدين إبراهيم [email protected] في لقاء طويل مع الإعلامي المصري- الأمريكي الشهير حافظ الميرازي، بتقنية البودكاست، في أواخر شهر فبراير، أخذني إلى حقبة سابقة من تاريخنا القريب، في سنوات المواجهة بين القوى الوطنية وجماعة الإخوان المسلمين، والتي انتهت بدحر تلك الجماعة. ولعب الجيش المصري، كالعادة، دوراً حاسماً داعماً للقوى الوطنية. وكان الفريق عبد الفتاح السيسي أحد من حملوا على كاهلهم المهمة الشائكة لتلك المواجهة. ولذلك كان متوقعاً أن يظل الإخوان كارهين للرجل والجيش. وكما كان يُردد المُفكر الإسلامي الراحل جمال البنا، الشقيق الأصغر لحسن البنا، والذي نأى بنفسه عن عضوية الجماعة، أن الإخوان المسلمين في مصر هم مثل أسرة البربون الفرنسية، التي أقلعتهم الثورة الفرنسية (1789-1830)، أنهم لا ينسون شيئاً، ولا يتعلمون شيئا. ولذلك كان تقديري، أن جماعة الإخوان بتنظيمها الدولي في حوالي خمسين بلداً، حول العالم، لن ينسوا أو يغفروا لعبد الفتاح السيسي دوره في إقصائهم عن السلطة، بعد طول انتظار! فسألني أحد المهتمين الشبان وليس كما ذكرت من قبل في مقابلتي مع الميرازي: فهل تُحبذ ترشيحه لرئاسة مصر؟ فكانت إجابتي أن هذا من حقه، كمواطن مصري دستورياً، ثم أن فرصه في النجاح كبيرة، بحُكم المؤسسة التي ينتمي إليها، وهي الجيش، والذي طالما أحبها الشعب المصري. وقتها سألني المحاور، وهل تنتخبه إذا رشح نفسه؟ فكانت إجابتي، أن ذلك سيتوقف عمن يرشحون أنفسهم، وعلى برنامج كل مرشح. هذا كان عام 2014 . أما منذ أسابيع فاجأني المحاور حافظ الميرازي بسؤال إن كان لدى تحفظات على ترشيح السيسي عام 2024 . أجبته بأن أداء المسئول في السُلطة هو المعيار عندي. وبالتالي فإن تقييمي لعبد الفتاح السيسي حالياً (2023)، هو تقييم إيجابي، في ضوء إنجازاته التنموية الكبرى في الداخل، وقيادته للوطن في بحور العالم الهائجة من حولنا، بسلام من جهة ثانية. مع ذلك تبقى لدينا طلبات مثلاً عِند التعامل مع المُعارضة، أو استمرار حبس البعض منهم. فلم تعد هناك ضروره لكل هذا الآن. كذلك لدي تحفظ على السماح للدولة أن تدخل منافسة للقطاع المدني في الاستثمار. وأخيراً، وليس أخراً لدي تحفظ، يُشاركني فيه كثير من زُملائي المثقفين، حول التأثير الحكومي المباشرة أو غير المباشرة، على وسائل الإعلام -المرئي منها، والمسموع، والمكتوب. وإحقاقا للحق، كنت أسأل من يجأرون بالشكوى، عماذا كانت هناك إيجابيات يمكن أن يذكروها لنظام الرئيس السيسي؟ كانت الإجابات هي: أولا، هناك نهضة عمرانية هائلة، لا تُخطئها العين، في كل أنحاء جمهورية مصر العربية. حتى أن بعضهم كان يتندر بأن شعار نظام عبد الفتاح السيسي، يمكن أن يكون: كوبري لكل مواطن، في إشارة لكثرة الطرق السريعة، وما يتخللها من جسور وكباري. ثانياً، أنه ضمن تلك النهضة، تم إزالة العشوائيات، التي كانت بمثابة بقع سرطانية على وجه القاهرة، والمدن المصرية الأخرى. ثالثاً، غيرت مُبادرة حياة كريمة الريف المصري، بقراه التي تتجاوز خمسة آلاف قرية. فرصفت شوارع معظمها، وزودت بالمياه النقية، وخطوط الكهرباء، والغاز، ومدرسة ابتدائية وأخرى إعدادية في كل من تلك القرى. رابعاً، تضاعف عدد الجامعات الإقليمية، لتصل إلى أكثر من ثلاثين جامعة. وتقترب بسرعة من المستهدف، وهو أن يكون في كل محافظة، جامعة واحدة على الأقل. خامساً، وصل نظام عبد الفتاح السيسي بالتنمية إلى أقاصي الأراضي المصرية، من الواحات إلى سيناء، ويهدف مضاعفة المعمور المصري من خمسة إلى عشرة في المائة من مساحة مصر الكلية، التي هي مليون كيلو متر مربع. وهو إنجاز لم تشهده أرض المحروسة طوال تاريخها، الذي يصل إلى خمسة آلاف سنة. سادساً، وفر النظام تأميناً لحدود مصر في كل الاتجاهات الأربع، بتحالفات تنموية مع الجيران شمالا (قبرص، واليونان، وإيطاليا)، وشرقا (مع فلسطين، والأردن، والعراق)، وجنوبا (مع السودان، شماله وجنوبه، والصومال، والسعودية، وليبيا)، وغربا (مع تونس، والجزائر). سابعاً، تم في عهد عبد الفتاح السيسي اكتشاف، والبدء في استثمار واستغلال حقول الغاز الهائلة في شرق البحر المتوسط. وتزامن ذلك مع أزمة الوقود العالمية، التي نتجت عن الحرب الروسية- الأوكرانية. ودون أن تقصد مصر، فقد استفادت استفادة قصوى من ارتفاع الطلب على مصادر الطاقة، وخاصة النظيف منها، مثل الغاز. ثامناً، إحياء وتنمية بحيرات مصر الست، من بحيرة السد في الجنوب على أسوان، إلى بحيرة المنزلة في شرق البلاد، بين المنصورة وبورسعيد، إلى بحيرة البرلس في شمال البلاد. تاسعاً، عززت مصر من قدراتها العسكرية الدفاعية، في البحر والجو، باستحداث حاملتي طائرات، إحداهما للأسطول الأول في البحر المتوسط، والثانية للأسطول الثاني في البحر الأحمر، والمحيط الهندي. وهكذا يبدوا لمن ينظر إلى خريطة مصر من الفضاء، أنها ورشة عمل، لا تنام. ولتلك الأسباب وغيرها، فإنني لن أتردد في تزكية عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية جديدة. والله على ما أقول شهيد. وعلى الله قصد السبيل